نشر بتاريخ : 10 مارس 2012
حريتنا-هبة مدين
أناس كان وجودهم في عزلة عن العالم الخارجى, هو أساس مشاكلهم في الحياة, وما بين إهضام حقوقهم من قبل الهيئة القومية للسكة الحديد, وعدم توفير احتياجاتهم المشروعة من تعليم, ومراعاة صحية وتوفير وسيلة للمواصلات, إلى تهديد متواصل من قبل العرب المحيطين بأبى زعبل باستخدام السلاح، هكذا تشكلت الصورة الكاملة لمعاناة أهالي مساكن أبو زعبل, من عاملين بالورش الإنتاجية التابعة لهيئة السكة الحديد, وكذلك سكان تلك المنطقة من أبناء العاملين السابقين بذات الهيئة وأحفادهم.
تتبع مدينة أبو زعبل مركز الخانكة كأحد مدنه بمحافظة القليوبية, وتعتبر مساكن أبو زعبل هي أحد التجمعات السكانية للعامليين بكافة المؤسسات, التابعة للهيئة القومية للسكة الحديد, والتي أنشأت عام 1956, وتم تسليمها للهيئة مكتملة البناء عام 1960, بعد معاناة العمال بقطاعات الهيئة من ورش إنتاجية وعمال بالسكة الحديد, من صعوبة الوصول إلى عملهم, من قلب القاهرة وضواحيها إلى مدينة أبو زعبل.
بعدها قامت الهيئة بتسليم تلك المساكن إلى العاملين بجميع قطاعاتها في تلك الفترة, بعقود تثبت إقامتهم بها وليست عقود ملكية, وتوارثتها من بعدها أولادهم وأحفادهم, تحت ذات الإثبات الورقي دون حق ملكية بتلك المساكن.
شكاوي أهالي مساكن أبو زعبل
ومن هنا تتابعت المشكلات فوق رؤوس سكان تلك المنطقة, وتعالت صيحاتهم متأملين في النظر إلى شكواهم, بدءا من الغياب الأمني في مساكن أبو زعبل وحتى الانصراف عن إعطاء أبناء العامليين الحق في التوظيف خلفا لآبائهم.
حيث يختفى الوجود الأمني بشكل كامل داخل مساكن أبو زعبل, فهناك نقطة شرطة واحدة, بها ثلاث أفراد من رجال الأمن, لا يستطيعوا ردع أي تعديات على أراضي المساكن أو على سكانها, من قبل العرب المحيطين بالمنطقة.
فشكل تعدى العرب على أراضى مساكن أبو زعبل , والتي تؤول إلى الهيئة القومية للسكة الحديد, تهديدا أمنيا كبيرا على أهالي المنطقة بواسطة الأسلحة النارية من آلى وما إلى ذلك, واضعين أيديهم على تلك الأراضي عن طريق بناء سياج حجري حولها, ووضع أحد رجالهم المزودين بالسلاح على هذه الأراضي.
ومن تلك الأراضى التي تم التعدي عليها ما توجد بداخل المساكن ذاتها, وكذلك أراضي "منطقة الشونة" التي ترجع ملكيتها إلى بنك التنمية والائتمان الزراعي وكذلك هيئة السكة الحديد, والتي فرض العرب وجودهم فيها بنفس الطريقة وتحت تهديد السلاح, دون رادع لهم.
فأعرب سكان المنطقة عن قلقهم الشديد لهذا التهديد المستمر لهم ولأسرهم, وعدم قدرتهم في التصدى للعرب أو التحدث معهم, وعند استدعاء الشرطة وتمكنهم من إخراج العرب من أراضي الهيئة التي يعيشون عليها, يعودن مرة أخرى فارضين بوجدهم بشكل أكثر إجراما, متمثلا في إرهاب الأهالي بالسلاح, وتكسير أبواب المحال التجارية والتعدي على حقوق أصحابها.
كذلك يعاني سكان أبو زعبل مآساة من الإهمال الصحي لديهم, سواء داخل مستشفى أبو زعبل, أو بسبب التكتم على رفضهم لوجود مصنع القمامة, ومصنع الرصاص وكذلك مصنع السماد, المتواجدين جميعا بالقرب من مساكنهم.
فتواجه الأهالي مشاكل عديدة في التعامل مع مستشفى أبو زعبل, المختصة بعلاج العاملين في هيئة السكة الحديد وأسرهم, والتي يتضح تقصيرهم مع أسر العاملين وخاصة بعد وفاتهم.
حيث وضحت أرملة أحد العامليين بالهيئة, مدى معاناتها في الحصول على الرعاية الصحية, من كشف طبي وأدوية علاجية لها ولأولادها, والتي قامت المستشفى بسحب البطاقة الصحية منها بعد وفاة زوجها ورفض تقديم العلاج لها, دون النظر إلى إمكانية العلاج خارجيا من عدمه.
كما أعلن سكان أبو زعبل استيائهم الشديد لوجود مصانع القمامة والرصاص والسماد بالقرب منهم, والتي تسببت جميعها في التأثير عليهم صحيا, حيث وقع أكثر من شابا داخل مصنع القمامة على أثر اختناق منها, ويعاني العديد من سكان المنطقة بآلام في الصدر نتيجة وجود تلك المصانع بالقرب من منطقة سكنية.
كما أشار السكان إلى مشكلة انعدام وجود وسيلة للنقل والمواصلات, تربط منطقة مساكن أبو زعبل بباقى المراكز المحيطة بها, وتساعد أولاد العامليين على التنقل ذهابا وإيابا لجامعاتهم, وأعمالهم.
وأن عدم وجودها يدفع أبنائهم إلى التطرق لاستخدام أي وسيلة مارة بمنطقتهم, والتي وقعت على أثرها حوادث سرقة, واعتداء بالضرب والقتل والاغتصاب للفتيات, من قبل قطاع الطرق من البلطجية والعرب.
مشيرين في نفس نطاق حقوق أولادهم, إلى تدهور السياسة التعليمية بالمنطقة, وتلف معظم المرافق بها, بالإضافة إلى تلوث مياه الشرب.
وكان ختام المشكلات التي يعانى منها سكان أبو زعبل, نقطتين في غايتة الأهمية لديهم, تأتي الأولى في إطار عدم حصولهم - بعد تلك الفترة البعيدة من تسليم الشقق للعامليين وأبنائهم وأحفادهم من خلفهم – على عقود تمليك, تضمن حقوقهم في عدم تهديد معيشتهم فيها تحت أى ظرف.
أما الثانية فتشكل معاناة أبناء العامليين في الحصول على حقهم الوظيفى, في العمل داخل الهيئة القومية للسكة الحديد خلفا لآبائهم, والتي من المفترض أن يكون لهم الأولوية في العمل لدى الهيئة.
معاناة العامليين بالورش الانتاجية التابعة للهيئة القومية للسكة الحديد
ومن معاناة الأهالي التي أردنا أن نجعلهم بداية لهذا العرض المأساوي, إلى معاناة العامليين بكافة قطاعات الهيئة القومية للسكة الحديد, من ورش انتاجية وعمال بالسكة ذاتها, والتي تتوحد مشاكلهم في نفس الإطار.
ولنأخذ منها المشكلات التي تواجه عمال الورش الانتاجية بالهيئة, حيث يعاني العمال من ضعف المرتبات التي يحصلون عليها, والتي تتراوح من500 إلى 700 جنيه للعامل, والتي تنفق نصفها على المواصلات, التي يستخدمها ذهابا إلى عمله في هذه المنطقة.
هذا بالإضافة إلى صعوبة الحصول على سكن داخل مساكن أبو زعبل للعامليين الجدد, أو اعطائهم أراضي يقوموا ببناء سكن خاص بهم عليها, والتي وضح العمال أنهم مقابل موازنتهم للسكن بالقرب من عملهم وحافظهم على الوقت والمجهود والمال, يضطرون إلى شراء سكن ممن لا يحتاجون شققهم من الجيل السابق للعامليين بالهيئة.
وعمل تنازل صوري بين الطرفين, مقابل مبلغ يتراوح بين 30 إلى 40 ألف جنيه حسب مساحة الشقة, إلى جانب دفع الإيجار الذى تخصمه الهيئة من مرتبات عامليها.
كما أكد العمال على مشكلة اغتصاب العرب للأراضي الخاصة بمساكن أبو زعبل, وانتشار التعديات من بعض سكان المنطقة, من أجل توسيع رقعة سكنهم, تحت هذا الغياب الأمني الملحوظ .
وكذلك التعديات على الورش الانتناجية من جانب العرب, وترهيب العامليين باستخدام السلاح, والتي قام العمال بحراسة تلك الورش بأنفسهم, من بعد الـ25 من يناير من العام الماضي.
فكانت وقتها المساكن هي المأوى الهادئ لكل الهاربين من سجون أبو زعبل من المسجليين خطر والمحكوم عليهم بالسجن المؤبد, وليس أمام العامليين سوى الصمت وحماية محل عملهم, تحت غفلة الشرطة والجيش عن أراضيهم.
لذلك أعلن العاملون مطالبهم بإنشاء جمعية إسكان مشهرة, تختص بجمع كل الأراضي التي لم ينشأ عليها شئ, ثم تقوم بتوزيعها على العامليين بالهيئة وليس لديهم سكن, وتعلن الهيئة موافقتها على تبني هذه الجمعية.
وحفاظا على حق المسئوليين بداخل قطاعات الهيئة في الرد على شكاوى عمالهم, تحدثنا مع أحد المسئولين في إدارة الورش الإنتاجية- والذى رفض ذكر إسمه-, وسردنا عليه كل المشكلات السابق ذكرها سواء للعامليين أو الأهالي, وكان رده عليها كالآتي:
"العامل في هيئة السكة الحديد, بعد وصوله لدرجة المعاش, يظل في سكنه الذي أعطته إياه الهيئة, ولا يستطيع أحد إخراجه منه, وأنه يوجد حوالى 1500 وحدة سكنية تابعة للهيئة, والورش الانتاجية على سبيل المثال قوتها حوالي 2000 عامل, من الطبيعي أن يوجد بينهم من لا يحصل على سكن بداخل تلك الوحدات, وأن الهيئة لا تستطيع أن تنشأ مساكن أكثر من ذلك".
كما وضح طبيعة التعامل مع الحاصليين على سكن خاص بالهيئة, "بأن تلك المساكن لها عقود تخص العامل, والتي تخصم الهيئة من مرتبه الشهري قيمة إيجارها, وهو حوالي 2% من المرتب, بالإضافة إلى 2% مياه مستهلكة, على أساس أنه يخدم الهيئة القومية للسكة الحديد".
وبعد خروج العامل للمعاش, تزيد نسبة الخصم من 2% إلى 11%, طبقا للائحة الخاصة بهندسة السكة الحديد.
وأضاف أنه يعطي لأبناء العامليين الأولوية في التوظيف لدى الهيئة, وأن الشكوى التي لابد التركيز عليها - من وجه نظره- هي تلك الأراضي المغتصبة من قبل العرب, والتي تحدثوا بها إلى الوزراة, وليس هناك مجيب لهم.
هكذا أردنا أن نرصد لكم الصورة كاملة, من شكاوي الأهالي إلى العامليين بالهيئة القومية للسكة الحديد, وإعطاء مسئول من هيئتهم الحق في الرد, ليكون لك صوت رقيب, متمنيين أن ينظر كبار المسئوليين المعنيين بالقضية إلى سكان أبو زعبل.
