يا وابور الساعة تلاتة .. دايما تتأخر ليه!!

جريدة المساء

17/05/2013 03:32:53 م
كتب - يسري حسان :


لا يعرف الشوق إلا من يكابده .. ولا يعرف قيمة وأهمية السكة الحديد إلا من يسوقه حظه العثر إلي الميكروباص .. السكة الحديد من أهم وأخطر مرافق مصر لو تعلمون لكن حظها مثل حظ راكب الميكروباص عثر علي طول الخط .. أو طول الخطوط!!
من 29 ابريل الماضي وحتي 15 الشهر الحالي كنت ضيفاً يومياً علي خط بحري استقل قطار 915 المقرر قيامه يومياً في الثالثة والربع عصراً إلي مدينة طنطا وأعود مساء وأنا ونصيبي .. مرة في قطار الثامنة الاسباني ومرة في قطار العاشرة الفرنساوي .. ومرة في المميز الذي عادة بلا موعد محدد.. وتصدق بالله. أكيد ح تصدق .. ما من يوم قام قطار 915 في موعده .. لابد من تأخير مع إن القطار يكون علي الرصيف ولكن بلا جرار .. أين الجرار يا ناس. في الورشة .. كيف يتأخر القطار وهذه محطة قيام .. يمكنه أن يتأخر في الوصول نتيجة عطل في الطريق أو هوجة تقطع الطريق أو عطل مفاجئ خارج عن الإرادة .. لكن أن يتأخر عن القيام من محطة القيام فهذا أمر غريب ومريب ومعيب.. وعصر الثلاثاء الماضي تأخر القطار 50 دقيقة كاملة .. كان عدد الواقفين في الطرقات أكبر بكثير من الجالسين علي المقاعد وإن كانوا أسعد حظاً من الجالسين الذين ركب فوق كل واحد منهم ليس أقل من ثلاثة .. وأنت اذا كنت جالساً لا تستطيع أن تفتح فمك بكلمة ألست جالساً يا أخي .. كان العرق يتصبب من الجميع جلوساً ووقوفاً .. نساء عجائز ومرضي كادوا يفطسون من الزنقة وشدة الحر.
بعض الركاب المحترمين قرروا القيام بفعل إيجابي .. عند عودتهم في المساء قاموا بتحرير محضر ضد رئيس الهيئة تحت رقم 36/42 ح قسم شرطة محطة القاهرة بتاريخ 14 مايو الحالي .. حرره الأمين محمد الصعيدي.
الركاب اتهموا رئيس الهيئة بالاهمال والتقصير وتضرروا من تعطيل مصالحهم وتضرروا كذلك من الطريقة غير المتحضرة التي تعاملت بها الهيئة معهم .. فلوحة الإعلانات الألكترونية مكتوب عليها إن موعد القيام هو الثالثة والربع .. لم يكلف أحد نفسه بتغيير المعلومات المضللة علي اللوحة .. ولم تكلف الإذاعة الداخلية نفسها بالاعتذار للركاب عن التأخير وتحديد مدته وأسبابه .. المواطنون عليهم الانتظار واللي مش عاجبه يخبط دماغه في الحيط.. وأقول لك الحق إن القطار في اليوم التالي لم يتأخر عن موعده سوي خمس دقائق فقط .. فهل يجب علي المواطنين تحرير محاضر كل يوم ضد رئيس الهيئة حتي تنتظم مواعيد القطارات؟
ولقد سألت العديد من الركاب الواقفين علي الأرصفة من معتادي السفر بشكل مستمر فأكدوا جميعاً أن القيام في الموعد المحدد أصبح مثل الغول والعنقاء والخل الوفي .. مستحيلاً رابعاً .. أما عن نظافة القطارات فحدث ولا حرج.. كنت عائداً في القطار الاسباني القادم من الإسكندرية ويتوقف في طنطا فقط في الثامنة مساء .. قلت استغل هذه الساعة في تغفيلة أو تعسيلة .. لكن هيهات فرغم أنني كنت علي الدرجة الأولي ــ مضطراً طبعاً ــ فإن عيني لم تغفل حيث انشغلت طوال الرحلة من طنطا إلي القاهرة بمطاردة الصراصير .. صحيح أنها صغيرة حتي أكون أميناً معك لكنها في الأول والآخر صراصير .. وأقسم لك بجميع الأيمانات أنني ذات يوم. وكنت استقل قطاراً من الاسكندرية مباشرة إلي القاهرة. وجدت فأراً وإن كان صغيراً أيضاً .. لكن الطريف في الأمر أن المحصل طلع ابن نكتة وقال اطمئنوا الفار نازل طنطا .. لكن واحداً أكيد سيصبح وزيراً فيما بعد لم يلتقط الإفيه وقال. والجدية بادية علي وجهه : لكن القطار لا يتوقف في طنطا .. فأصبح الإفيه إفيهين .. أحظكم الله يا مصريين!!
أحدث سعادتك الأن عن القطار المميز .. وهو مميز فعلاً فجميع أو أغلب عرباته مظلمة تماماً ولا توجد لمبة واحدة توحد الله .. كتير لمبة يجود بها رئيس الهيئة علي هؤلاء المساكين .. المحصلون في مشهد مسرحي هزلي تماماً يمرون وكل منهم يعلق كشافاً في رقبته .. يمكنك أن تقتل واحداً أو تثبت واحداً وتقلعه هدومه لو أردت ويمكنك كذلك أن تتحرش براحتك .. كل شيء مباح في القطار المميز.. لكن احذر من دخول الحمام أو حتي المرور أمامه.
لا أبواب ولا شبابيك في القطارات المميزة .. هما الغلابة هينهبوا .. ثم إن هواء ربنا وشمسه وأتربته تكفي.. الطبيعي يكسب.. وهل إنارة هذه القطارات التي يستقلها ملايين المواطنين البسطاء. مشكلة؟ كم تكلف الهيئة من أموال الصيانة التي لا يعرف أحد أين تذهب .. هل نستكثر علي هؤلاء أن يستقلوا مواصلة محترمة وآدمية تليق بمواطن مصري في القرن الواحد والعشرين؟
القطارات عنوان علي تخلف الدولة وانهيارها وعدم احترامها لآدمية مواطنيها .. والمسئول الذي لا يستطيع تطوير قطاعه عليه أن يستقيل فوراً أو يقال .. هناك مشاكل حلها بسيط لكن أحداً لا يريد الحل .. المهم أن يحصل علي راتبه وبدلاته وحوافزه أما القطاع نفسه فليذهب إلي الجحيم .. السكة الحديد تحتاج إلي ثورة .. فهل من رجل يقوم بها؟!!