حسن الشيخ
الأربعاء 02 نوفمبر - 01:14صباحا
الحل في ثورة 25 يناير 2012
احزاب الشامبو والايس كريم .. تركت نظام مبارك يعيد نفسه
هم يضحك وهم يبكي .. هذا هو حال الاحزاب السياسية المصرية حاليا الجديد منها والقديم .. وكل شئ يحدث داخلها او خارجها او صادر عن شخصيات تمثلها يؤكد ان الحال ليس على ما يرام .. بل يدعو للسخرية احيانا كثيرة لاننا لم نفقد المئات من الشهداء والالاف من المصابين في الثورة لكي ينتهى بنا الحال هكذا .. احزاب ضعيفة للغاية .. مفتتة .. مختلفة .. متصارعة .. لا يملك معظم افرادها من ثورة 25 يناير الان الا عدد من الصور الفوتوغرافية وشوية ذكريات .. وبقدر ما كان المنظر في ميدان التحرير رائع وعظيم ومشرف لمصر والمصريين في نظر العالم كله .. كانت الرده عن هذا الانجاز على كافة المستويات كبيرة ومخيفة وتهدد المستقبل لدرجة ان هذه الردة ربما عادت بنا الى ما كان قبل 25 يناير وربما اسوأ منه .. اذا استمر الحال المايل هو سيد الموقف .. فقد تحولت الايد الواحدة بعد نزولها من ميدان التحرير الى اياد كثيرة غير مترابطة او متفقة على الاقل انها تعمل من اجل الحدود الدنيا التي قامت من اجلها الثورة وهى ان يعيش شعب مصر في حرية وكرامة تعوضه الذل والهوان الذي عاشه على مدار اكثر من 30 عاما .. الشباب الذي كان وقود الثورة ومشعلها واملها .. انخرط في عشرات الائتلافات التي لا تملك شيئا في العمل السياسي الا وقوفها في الميدان ومشاركتها في الثورة .. وهو ارث شريف ورائع اذا صاحبته الخبرة والاموال اللازمة لممارسة السياسية .. وهو ما لم يكن متوفرا ولازال حتى الان .. وكان يجب على الشباب ان يقوموا باحد امرين الاول : ان ينخرطوا بسرعة في الاحزاب السياسية القائمة بالفعل يعيدوا اليها الحياة ويعيدوا اليها ايضا الناس من خلال حماسهم ونظافتهم وآمالهم الخاصة بالمستقبل .. والثاني ان يعودوا الى بيوتهم ومدارسهم وجامعاتهم واشغالهم على ان يكونوا هم حراس الثورة ووقودها في اي وقت يتطلب ذلك .. على اعتبار انه ليس كل من شارك في ثورة ان يكون سياسيا او وزيرا او رئيسيا.. على غرار الجنود والضباط الذين يحاربون من اجل الوطن منهم من يخسر حياته ومنهم من يخسر جزءا من جسده واخرون يعودون سالمين .. ومع ذلك لم يطالب كل جندي بان يكون سياسيا او وزيرا .. او حتى عضوا في احد المجالس المحلية .. ولكن ما حث ان كل مجموعة من الشباب انفصلت سريعا عن الجمع وشكلت ائتلافا ومن الائتلاف تشكل ائتلاف اخر وهكذا حتى اصبحوا عشرات الائتلافات والاحزاب الجديدة التي خرجت من رحم الثورة وربما كان معظمها اما حمل خارج الرحم او حمل كاذب .. المهم ان الشباب طالبوا في بداية الامر ان يتم تاخير الانتخابات لانهم بدون خبرة ولازالوا في مرحلة التشكيل والتاسيس ويحتاجون لوقت اطول حتى يكونوا مؤهلين للدخول في الانتخابات .. ورغم تاخر الانتخابات وتاخر كل شئ بدون وجه حق وبالصورة التي تسببت في كل الاحداث التي وقعت منذ الثورة وحتى الان من فتنة طائفية واضرابات ومظاهرات .. وجمع حاشدة .. كانت بسبب التاجيل ثم التاجيل والخروج عن النص الذي كان يفترض ان ينفذه المجلس العسكري حسب بيانه الاول ومع ذلك فان حال الشباب والائتلافات كان محلك سر .. اما لانهم انخرطوا زيادة عن اللزوم في معارك كلامية مع المجلس العسكري والحكومة واهملوا حالهم السياسي .. واما لان هناك من اراد ان يكونوا كذلك فاصطنع المعارك والصراعات الوهمية وجرهم اليها حتى لا يستطيعوا تشكيل احزاب حقيقية تكون صداعا في عقل من يحكم .. وسواء كان السبب هذا او ذاك فان الواقع يؤكد انهم خسروا الشهور التي تاجل فيها كل شئ في مصر ولم يفعلوا فيها شيئا يذكر يجعلهم ينزول للشارع ويزاحمون الاخوان او على الاقل يحتلون مكان الفلول والوجوه الكالحة التي سأمها الناس .. وجاء الوقت الذي يجب ان يكونوا فيه في الصورة الا انهم ليسوا مستعدين له على اي حال من الاحوال .. فلا هم اصبحوا احزاب وائتلافات قوية قدموا انفسهم للشعب بصورة واضحة لها معالم واساليب تستطيع التعامل مع المستقبل .. ولا هم استسلموا للامر الواقع واكتفوا بدور المراقب المتفرج على ما يفعله الاخرين .. وصحيح الفلول ليس لهم اي حق في الوجود على الساحة باي حجة كانت .. الا ان الشباب لم يفعل شيئا حتى يساهم في اختفاء هؤلاء .. وليس كافيا ان يطالب بالعزل السياسي ـ رغم انهم يستحقونه ـ دون ان يكون قد صنع لنفسه دورا بديلا .. وفي النهاية فشلت كل التحالفات حتى في الوصول الى نظام انتخابي يلبي رغباتها ويحقق المصلحة العامة .. واصبحنا امام نظام لا يعلم عنه الكثير من سيمارسوه فما بالناس العادية.. كماهرولت بعض الاحزاب الى ضم عدد من الفلول الذين يملكون خبرة واساليب كيفية التعامل مع صناديق الاقتراع واخرين شكلوا .. والنتيجة ان شباب الثورة والوجوه الجديدة التي كنا نأمل فيها خيرا بان تقود مصر سياسيا في المرحلة القادمة تاهت بين الترشح كمستقلين .. او في عدد من قوائم الائتلافات والاحزاب .. او تراجع دورها .. والتخبط واضح تماما في مسيرة هؤلاء .. ويكفي ان نرى الوجوه الجديدة تترشح في دوائر ضد بعضها .. كما هو الحال بين اسماء محفوظ وعمرو حمزاوي .. ومصطفى بكري .. وناصر امين وغيرهم .. وعموما فاننا الان وبعد تقديم الاف المرشحين سواء من خلال قوائم الاحزاب او المستقلين لا نجد كيانا يمكن ان يكون ممثلا حقيقيا للثورة ويقود مصر للمستقبل .. بل على العكس فان الصورة قاتمة تماما .. ويكفي المشهد الهزلي الذي نراه ونسمعه على شاشات القنوات التليفزيونية وهو الخاص باعلانات الاحزاب عن نفسها .. وكأنها تعلن عن نوع جديد من الشامبو او الصابون او تروج لنوع من انواع البطاطس او الايس كريم .. فماذا يعني ان يقول اعلان عن احد الاحزاب اننا سوف نوفر لب العصفور للشعب .. من خلال كلمات ساذجة ستعالج مشاكل الفلاح بتوفير السماد وشراء محصوله باعلى الاسعار .. فقط عليه ان يتصل برقم الحزب .. كيف ؟ من اين ؟ مدى امكانية تحقيق هذه الوعود ؟ كلها اسئلة بدون اجابات تذكر .. واعلان اخر يتحدث عن حزب يؤكد انه رائد كل شئ وله الفضل في كل شئ في الحياة السياسية المصرية .. وهو اذا كان فعلا كذلك يستحق ان يعزل سياسيا مثل ما نأمل للفلول لانه بذلك شريك لهم في كل ما كان يجري في مصر قبل الثورة ..
اذن الفشل هو اكثر ما يميز الفترة الماضية خاصة في مجال نشاط الاحزاب الجديدة والشباب الذين قرروا خوض المعارك السياسية لدرجة ان الفشل وصل الى عجز هؤلاء وهؤلاء عن تقديم قوائم ومرشحين بالعدد الكاف والحجم والوزن الكاف الذي يسمح لهم ليس فقط بمواجهة الفلول واصحاب السوابق السابقة مع سيد قراره ولكنهم بذلك تركوا الساحة لكل من يريد ان يلعب ولو بجهد قليل جدا ولا اعقتد ان الاعتماد على تشبع الناس بالثورة وتحمسهم للشباب هو فقد من سيكون الطريق الى كرسي مجلس الشعب .. لاننا نعيش في بلد ما يقرب من نصف سكانه يعيشون تحت خط الفقر .. ومعظمهم لا يهمه من يدخل المجلس قدر ما يهمه ان يقضي يومه ويتغلب على مشاكله ويلبي احتياجات اسرته البسيطه حتى ولو كانت من خلال ثمن صوته الذي سيذهب لم يدفع مش اكتر ولكن المهم يدفع بصورة او باخرى ..
وعلى الجانب الاخر يعد المجلس العسكري وحكومة شرف مشاركين فيما وصل اليه حال الشباب والسياسيين الجدد .. لان الجدول الزمني رغم انه لم يكن واضحا وصريحا ومع ذلك لم ينفذ .. اجروا استفتاء ولم ينفذوه .. استنفذوا الوقت الاصلى للتغيير ويصرون على الوقت الضائع .. فعلوا كل شئ حتى يجعلونا نشعر بالاحباط وبان الثورة تتراجع والامل يقفد كل يوم رغم ما نسمعه بصورة شبة يومية ان المجلس العسكري سوف يسلم السلطة الى رئيس مدني منتخب .. ومع ذلك لا نرى اي دلائل على ذلك حتى الان .. وخاصة وان الانتخابات القادمة ليس فيها امل كبير بان تفرز المجلس الذي نأمل فيه .. بل ان البلد تسير الان بقوانين ما قبل الثورة وشخصيات ما قبل الثورة .. ومسئولين ما قبل الثورة .. والنتيجة باختصار انه اذا لم تغير الثورة الواقع فانها بالتاكيد كان اسمها شئيا اخر غير الثورة .. وليس شرطا ان تاتي الانتخابات القادمة سواء كانت البرلمانية ا والرئاسية بما يحقق اهداف الشعب حتى لو انتقلت السلطة الى حكومة مدنية ورئيس مدني ..
ومن يشكك في ان حالنا ليس على ما يرام وان شماعات الاضرابات والاعتصامات الفئوية لن تبرره .. ينظر الى ما يحدث في تونس اليوم .. فهى كما كانت تمثل اول ضوء في ثورات التحرر العربية .. تسير ايضا الان بخطى ثابتة نحو اقرار دولة القانون والديمقراطية .. عكس ما يحدث في مصر تماما ..
واعتقد ان مؤتمر " مصر الثورة " الذي عقد بواشنطن وحضره عدد من شباب الثورة والشخصيات العامة .. وشهد هجوما على سياسية المجلس العسكري وطالبوا فيه بتشكيل مجلس رئاسي مدني منتخب يتولى ادارة البلاد .. وقالوا فيه الكثير من النقد تجاه ما يجري داخل مصر .. كان يعكس صورة واضحة عما يمكن ان يحدث غدا اذا استمر الحال على ما هو عليه الان .. وخاصة تاكيد الشباب في المؤتمر على ان 25 يناير القادم 2012 سيكون موعدا لثورة ثانية تصحح اخطاء الاولى وتسير بالامور نحو طريقها الطبيعي الذي يريده الشعب المصري اذا لم يتم تدارك الامور وتنفيذ مطالب الشعب في الوصول الى مصر اقوى وافضل واكثر عزة وكرامة ..
اما السؤال اللوغاريتمات الذي يجب الاجابة عليه .. هو السكوت المميت عن قانون الغدر او ما سمى بالعزل السياسي لاعضاء الحزب الوطني المنحل .. لماذا السكونت عنهم وتركهم يترشحون على قوائم الاحزاب والمستقلين .. لماذا لم يخرج احد ويقول اننا لن نطبق القانون من اجل كذا وكذا .. او اننا سوف نطبقه بهذه الطريقة .. ام ان الامر يراد به ما يحدث الان من تقديم اوراق وترشيحات تاخذ الصفة القانونية التي لا يمكن التعامل معها فيما بعد بقانون الغدر .. والسؤال الاوضح لمصحلة من تريدون ان يعود الفلول الى مقاعدهم في مجلس الشعب .. اذا كنتم تعتقدون ان خلو مقاعد احمد عز وفتحي سرور وبعض الوزراء هو التغيير المقصود الذي يتمناه الشعب تكونوا واهمين لان المطلوب تغيير الذين كانوا يوافقون على خراب مصر قبل ان يقرأون او يعرفون ماذا يفعلون ويرتكبون من جرائم في حق الغلابة ..
مصر تحتاج الى تدراك سريع لتدهور الامور في الشارع الساسي ولا فان التهديد بثورة جديدة في 25 يناير القادم سيجد قبولا واسع النطاق لا يمكن لاحد ان يتنبأ بما سيحدث فيه لان شعار السلمية اصبح مشكوكا فيه اضافة الى الخروج من الميدان اصبح هدفا .. اذن مطلوب تصحيح لحالنا المايل اذا كنا صادقين فيما نقول عن غد
