أول دراسة حكومية عن الفساد الإداري تركز علي الموظفين.. وتتجاهل «الكبار»(4)

علاء الغطريفي ١٦/ ٨/ ٢٠٠٧

«إن الفساد الكبير الذي ينخرط فيه كبار رجال الدولة، يختلف عن الفساد الصغير الذي ينخرط فيه المسؤولون الإداريون».. اعتراف حكومي ورد في أول دراسة عن «الفساد الإداري» تصدر عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء.

ورغم هذا الاعتراف، لم تشر الدراسة إلي الفساد الكبير واقتصرت علي فساد الموظفين الصغار في الجهاز الإداري للدولة، وتأخر إعلان الدراسة التي بنيت علي استطلاع للرأي أكثر من ٣ أشهر، مما يثير تساؤلات حول التوقيت الذي يتزامن مع حديث يدور حول تغيير وزاري وشيك.

واستندت الدراسة التي حصلت «المصري اليوم» عليها، إلي استطلاع لرأي المواطنين عن إدراكهم وتعرضهم للفساد «١٤٤٢٤ مواطناً» في جميع محافظات الجمهورية، وسجلت محافظة القليوبية أعلي نسبة في تعرض المواطنين للفساد الإداري «٦٩.٧٧ نقطة»، في حين جاءت المنيا في المركز الأخير بـ ٥٨.٣١نقطة.

واحتلت الغربية المركز الثاني في الترتيب بـ«٦٩.٢ نقطة» وتلتها البحر الأحمر «٦٨.٧ نقطة» والقاهرة «٦٨.٧ نقطة»، بلغ المؤشر العام لإدراك الفساد الإداري في المجتمع المصري حسب الدراسة «٦٦ نقطة» وهو ما يزيد علي نسبة الحياد «٥٠ نقطة» بمقدار ١٦ نقطة، بانخفاض نقطتين عن العام الماضي. وقالت الدراسة: إن نسبة من يثقون في جدية الحكومة في محاربة الفساد بلغت ٥٠.٣%، بينما أفاد ٢٤.٩% بأن الحكومة غير جادة في محاربة الفساد.

وأفاد ٧٩% من المبحوثين بتزايد ثقتهم في الحكومة كلما أخذت في التصدي لظاهرة الفساد الإداري، في حين أفاد ٢.٧% من المبحوثين بأن ثقتهم لن تزيد في الحكومة في حال التصدي لهذه الظاهرة.

وسجلت محافظة الشرقية «٧٢.٨ نقطة» أعلي قيمة لمؤشر إدراك الفساد الإداري في الحضر، في حين سجلت القليوبية «٦٩ نقطة» أعلي قيمة للمؤشر علي مستوي الريف، وسجلت سوهاج «٦٤ نقطة» أدني قيمة بالنسبة للحضر، والبحر الأحمر «٤٩.٦ نقطة» أدني نسبة في الريف.

أظهرت الدراسة ارتفاع إدراك الذكور لظاهرة الفساد الإداري، مقارنة بالإناث علي مستوي محافظات الجمهورية، كما أكدت نتائجها أنه كلما ارتفع المستوي التعليمي للمبحوثين، انخفض إدراكهم لظاهرة الفساد، في حين انخفض إدراك ظاهرة الفساد كلما زاد العمر، فئة العاملين هم الأكثر إدراكاً لظاهرة الفساد الإداري مقارنة بغير العاملين، سجل المؤشر أعلي إدراك للظاهرة بين العاملين في الأقصر «٧٤.٨ نقطة» والأدني كان في محافظة الفيوم «٦٤.٨ نقطة».

وقالت الدراسة حول توجهات الرأي العام فيما يخص الفساد الإداري، إن ٤٤.٧% من المبحوثين قالوا: إنهم يصدقون ما تنشره الصحف والمجلات، مع شعور بأن هناك شيئاً من المبالغة، وأفاد ٢٧.٧% بأنهم يصدقون كل ما تنشره الصحف عن الفساد. واستهدف استطلاع الرأي الذي أجري خلال مايو الماضي إلي تقييم درجة انتشار الفساد الإداري بمحافظات الجمهورية والقطاعات الحكومية «الصحة والتعليم والمرور..... إلخ» بجانب التعرف علي تباين إدراك الفساد والتعرض له بين المواطنين وفقاً لعدد من الخصائص كالنوع ودرجة التعليم.

واعتمد مؤشر الدراسة علي أربعة مظاهر للفساد: «تقديم الرشوة والهدايا والإكراميات، موظف عام يتصرف في المال العام لمصلحته، مجاملة الأقارب والاعتماد علي المعارف لتسهيل الإجراءات الحكومية، سرقة المال العام»، من خلال أسئلة من قبيل «هل الفساد موجود بالفعل أم لا - هل هو منتشر - هل تعرضت أنت أو أحد أفراد أسرتك للفساد؟»، واحتل تقديم الرشوة والهدايا والإكراميات مظاهر الفساد بـ«٧٥.٢%» وتلتها مجاملة الأقارب والاعتماد علي المعارف لتسهيل الإجراءات الحكومية بـ«٧٤.٩%»، والموظف العام الذي يتصرف في المال العام لمصلحته «٦٥%» وسرقة المال العام «٤٠.٥%».

وحددت الدراسة أسباب انتشار الفساد الإداري في ضعف الرواتب وعدم وجود عدالة في توزيع الأجور «٢٠.٢%» وعدم وجود الضمير مع ضعف الإيمان «١٦.١%» وعدم وجود رقابة من الحكومة وقوانين حاسمة «١٣.٢%»، وارتفاع الأسعار وارتفاع تكاليف المعيشة «١٣.٢%» واستغلال وجشع الموظفين «٧.٥%» والبطالة ٧% وعدم كفاءة الإدارة ٦.٨%، وتذيل القائمة انتشار الوساطة والمحسوبية والاعتماد علي المعارف والمحسوبية.