الوزير هو الرابح الأول من تعدد كوارث السكك الحديدية.. هكذا قالت "الكرامة" فى عددها الصادر فى 29 من أغسطس الماضى، ثم تأكد ذلك ممهوراً بتوقيع المسئولين عن الهيئة القومية للسكك الحديدية فى الأول من سبتمبر الحالى على العقد المبرم مع شركة جنر ال موتورز الأمريكية بقيمة 25 مليون دولار.. لم تأت من المنحة الحكومية البالغة خمسة مليارات جنيه.. وإنما جاءت من القرض الممنوح للهيئة منذ سنوات خمس من صندوق الائتمان الكويتى بغرض تطوير الهيئة وقيمته 57 مليون دولارأو 5.16 مليون دينار كويتى!!
العقد المبرم مع الشركة الأمريكية التى يملك وكالتها فى مصر الوزير محمد منصور بغرض توريد قطع غيار لإعادة تأهيل 60 جراراًَ وعودتها للعمل بكامل طاقتها على خطوط الهيئة.. يشير إلى أن الوزير أو الهيئة دفعت المبلغ.. ثم حصلت شركة الوزير من خلال الوكالة على ذات المبلغ من الناحية الأخرى، أى أن الوزير قام بالدورين معاً.. المشترى والبائع فى ذات الوقت!!.
الأغرب - وهو ما لم يعلنه الوزير أو أى فرد فى الحكومة - كان فى وجود مشروع يسمى "مشروع الـ60 جراراً" يدور على أرض الهيئة وتتولاه شركة كندية من كبريات الشركات العالمية فى مجال صناعة السكك الحديدية هى شركة "كاناريل" وكما يبدو من اسمها فهى شركة كندية.. تمارس عملها منذ فترة على أرض ورش الديزل بالسبتية.. والتى تحولت بمقدم الوزير إلى شركة مساهمة مصرية تستطيع استيراد قطع الغيار بالأمر المباشر ودون اللجوء لاستحكامات القانون رقم 89 الخاص بالمزايدات والمناقصات، المهم أن هذا المشروع خاص بالجرارات الكندية وهى واحدة من أنواع أربعة تستخدم فى جميع الخطوط هى الأمريكية والألمانية والمجرية.. بالإضافة للكندية..
المشروع المشار إليه توقف منذ فترة بسبب عدم وجود قطع الغيار اللازمة "لعمرة الـ60 جراراً" برغم الشركة المساهمة وبرغم الاحتياج الملّح لاستيراد قطع الغيار المطلوبة.. ودون أن تحرك الوزارة ساكناً، مصادر فنية داخل الهيئة أكدت أن الإصرار على جلب ما تحتاجه الهيئة من مستلزمات عن طريق الوكلات الأجنبية الموجودة فى مصر.. بالإضافة إلى أنه يؤدى إلى الشراء بالخسارة على الهيئة، ويعود بالربح على الوكيل، فإنه أيضا يشير إلى تحكم لعبة المصالح الخاصة بهؤلاء الوكلاء وعلى رأسهم الوزير بالطبع فى عمليات التطوير!!.
المصادر أشارت إلى الدور المتراجع لرئيس الوزراء الذى لم يحرك ساكنا فى ظل الكوارث المتكررة مؤخراًَ لقطارات الهيئة سواء على مستوى المعدات أو البشر.. والتى تدفع أى صاحب قرار لديه الرؤية إلى الإسراع بجلب آليات التطوير من الشركات الأصلية مباشرة وعلى وجه السرعة دون ترك الحبل على الغارب لراغبى التربح من الوكلاء سواء كان ذلك عن طريق شركة الوزير أو أصدقائه من الوكلاء!!
المصادر أشارت إلى تجاهل الوزير لاحتياجات الشركة الكندية، وبادر بإصدار أوامره لرئيس الهيئة بالتعاقد على شراء قطع غيار أمريكية لجرارات أمريكية، وكان يمكنه إما التعاقد لشراء ما يحتاجه المشروع الكندى أولا حيث قطع المشروع شوطاً كبيراً ولا يحتاج إلا لتركيب هذه القطع فى فترحة وجيزة فيصبح لدى الهيئة 60 جراراًعاملة، أو التعاقد لصالح الهيئة أولا وأخيراً من خلال جعل الـ 60 جراراً 120 جراراً كنديا وأمريكيا!! على مرحلتين.. مرحلة أولى انتهت تقريبا.. وبعدها الثانية التى تستلزم وقتا قد لا تتحمله الهيئة!!.
الشركة الأخطر والتى تحمل الجنسية الأمريكية.. وتعاقد معها الوزير هى "بوز آلان هاميلتون" Booz Allen Hamelton وترتبط أيضاً بحسب المصادر بشركة "جنرال موتورز الأمريكية" التعاقد بغرض إعادة هيكلة السكة الحديد وتطويرها!! ويبدو أن هناك شيئاً يقف خلف الستار كان السبب وراء التعاقد معها!! أرجعه البعض إلى ضغوط ما قادمة من البيت الأبيض الأمريكى، وتخص اتفاقية التجارة المصرية الأمريكية المتوقفة حتى الآن، وفسره البعض بالدور الأمريكى المشبوه فى الشرق الأوسط ككل.. والذى تمثل فيه هذه الشركة الذراع الطويلة للسيطرة على الموارد والتحكم فى اقتصاديات الدول العربية!!.
ففى الكويت مثلا انتقد الناطق الرسمى باسم كتلة العمل الشعبى النائب مسلم البراك، تكليف "بوز آلان هاميلتون" لتولى إعداد مشروع استراتيجية التنمية بعيدة المدى لدولة الكويت.. من قبل الحكومة مشيراً إلى وجود العديد من الشبهات حول علاقاته وأدواره المختلفة والخفية!! معتبرا وصفه بالمكتب الاستشارى العالمى من قبل الحكومة هناك بالتضليل المتعمد!!.
الشركة المشار إليها أثارت العديد من التساؤلات حول دورها الحالى فى ما يسمى بمشروع تغيير وضع المياه ومعالجة مياه الصرف فى المملكة العربية السعودية بالإضافة إلى مشاركة هذه الشركة أيضا فى مشروعات خطوط السكك الحديدية بطول المملكة وعرضها، ولم يقتصر الأمر على السعودية بل تعداها إلى البحرين أيضاً حيث وصفت بالشركة القوية التى أدت إلى التوصل إلى وجود اتفاقية التجارة الحرة بين الولايات المتحدة والبحرين من خلال دراسة أعدتها لذلك!! ووصفت بالكيان المتحكم فى قطاع تقنية توصيل المعلومات.. وربط القطاع الخاص البحرينى بالأسواق الرئيسية بالولايات المتحدة الأمريكية!!.
"بوز آلان" أيضاًَ كانت وراء الاتجاه البريطانى عام 1984 لعمليات الخصخصة بعد نحو 140 عاماً من الحكم الاشتراكى فى انجلترا.. حتى أن تخصيص شركة "بريتش تليكوم" كبرى شركات الاتصالات العالمية إلى ملكية القطاع الخاص جاء بناء عن دراسة أعدتها "بوز آلان" الفرع الانجليزى، الذى وقف أيضاً خلف إنجاز 8 عمليات تخصيص أخرى فى قطاع الاتصالات منها: الأرجنتين، فنزويلا، هونج كونجو، المكسيك، ونيوزيلاندا، بالإضافة إلى نحو 16 بلداًَ أخرى من بينها المغرب، نيجيريا، زامبيا، والبرازيل، بالإضافة إلى 30 عملية تخصيص أخرى نجحت فى إقرارها حتى عام 1995!!.
نشاط مخابراتى
نشاط "بوز آلان هاميلتون" المتشعب ووقوفها خلف نظام الخصخصة فى نحو 60 بلداً على مستوى العالم.. ومن بينها مصر بالطبع!! جعلنا نتساءل عن ماهية الشركة والقائمين عليها لنجد المفاجأة وهى اختفاء اسم رئيس مجلس إدارتها من على موقعها على شبكة المعلومات الدولية، وظهور نائبه بوضوح.. لنكتشف أنه "جيمس وولسى" المدير السابق لوكالة المخابرات الأمريكية، منذ عام 93 إلى 95 والذى عمل بالمخابرات لمدة 12 عاماًَ وشغل مناصب حكومية استخباراتية فى إدارتين ديمقراطيتين، وإدارتين جمهوريتين، وهو أيضاً واحد من الجناح الأكثر تأييداً للحرب على العراق داخل أمريكا!!.
ويرأس أيضا شركة "ديان كورب" التى تزود الحرس الخاص لحامد قرضاى الرئيس الأفغانى بالأسلحة، وهى شركة متهمة بانتهاكات لحقوق الإنسان فى البوسنة، وكوارث صحية بيئية فى الإكوادور، وكان شريكا فى شركة المحاماة "شى وجاردنر" التى تعمل كوكيل أجنبى للمؤتمر الوطنى العراقى بزعامة أحمد الجلبى، بالإضافة إلى عمله كنائب لرئيس "بوز آلان" المرتبطة بشكل وثيق بلجنة السياسة الدفاعية التابعة للبنتاجون والتى كان يرأسها "بيرل"
علامات استفهام كثيرة تشوب قرار التعاقد مع هذه الشركة بالذات دون شركات عالمية كثيرة قيل إنها بلغت نحو الـ 60 شركة.. عرضت نفسها على الحكومة المصرية بهدف تطوير هيئة السكة الحديد المصرية، وعلامات أخرى أشد قسوة تدور حول علاقة هذه الشركة بالمخابرات الأمريكية ثم عن علاقة محمد منصور نفسه بهذا الجهاز.. خاصة إن هناك وصفاً ألقاه المحللون على مليونيرات المعونة الأمريكية ـ المليارديرات حالياً ـ بأنهم “الكاوبوى” الأمريكى المرشح للحكم فى مصر.. كان ذلك فى البداية !! فماذا عن الأمور الحادثة على الساحة حالياً؟! الأسئلة قد تكون مجابا عنها من خلال السطور السابقة.. وربما يعضدها الواقع وهذا الخبر نقلا عن جريدة حزب الكرامة ليوم 14_6_2006
