لأول مرة.. ملف سامي عنان في الموساد الإسرائيلي

[img:0275]http://www.elmogaz.com/sites/default/files/images/sami-anan-30-4-2011[1].home-page.jpg[/img:0275]

قبل يوم الخامس والعشرين من يناير لم يكن اسم الفريق سامي عنان معروفا لدي غالبية المصريين، ورغم السمعة الطيبة التي يتمتع بها عنان بين صفوف القوات المسلحة إلا أن رجل الشارع العادي لم يكن يعرف شيئا عن رئيس أركان أكبر جيش في الشرق الأوسط فالرجل يفضل الابتعاد عن الأضواء ولا يميل كثيرا إلي الظهور في المناسبات العامة.. يحب أن يعمل في صمت لايبحث عن مجد شخصي محاولا تحديث معدات وآلات الجيش.

ومع اشتعال ثورة 25 يناير برز اسم عنان بقوة حينما قطع زيارته إلي الولايات المتحدة الأمريكية وعاد من واشنطن إلي القاهرة ليراقب المظاهرات المشتعلة في كل محافظات مصر ومع تزايد الرفض الشعبي للنظام السابق والمطالبة بتنحي مبارك ظهر عنان بجوار المشير محمد حسين طنطاوي وزير الدفاع في غرفة عمليات القوات المسلحة قبل تنحي الرئيس المخلوع بأيام معدودة ومن يومها وأصبح وجه رئيس الأركان مألوفا للمصريين جميعا ووجد اهتماما من قطاعات عريضة في المجتمع بدأت الحديث عن احتمالية كونه مرشحا محتملا لرئاسة الجمهورية.

الاهتمام بعنان لم يتوقف علي المصريين فقط فقد كان المسئولون في تل أبيب شغوفين بمعرفة تاريخه العسكري وبدأت الصحافة الإسرائيلية تتحدث عن عنان باستفاضة ويعد رئيس الأركان من أبرز الشخصيات التي كانت تحظي باهتمام إسرائيل سواء علي المستويين الإعلامي أو الرسمي وكان هناك اعتقاد في إسرائيل بأن عنان هو أحد الشخصيات المصرية المقربة لإسرائيل وكانت دائما ما توصف علاقته برئيس الأركان الإسرائيلي السابق جابي إشكنازي بالجيدة إلا أن موقف عنان من إسرائيل في الفترة الاخيرة وفي فترة ما بعد الثورة كان بمثابة الصدمة لإسرائيل حيث يعد عنان من أبرز الشخصيات التي ترسم خطوط السياسة المصرية في الوقت الحالي والتي تعتبرها إسرائيل سياسة معادية لها.

وقد سيطرت حالة من القلق الشديد علي إسرائيل بعد أن أعلن رئيس الأركان سامي عنان عن نية مصر فتح معبر رفح بشكل دائم والأكثر من ذلك أن عنان أكد أن هذا الأمر يعد من الشئون المصرية الداخلية وليس لإسرائيل الحق في التدخل بشأنه وقد صرح مصدر إسرائيلي لجريدة وول ستريت جورنال بأن قرار فتح معبر رفح والتطورات الحالية في مصر تزعج إسرائيل بشكل كبير فكل هذه الأمور من شأنها أن تؤثر بشكل سلبي علي أمن إسرائيل. وأكد المصدر أنه منذ اللحظة الأولي لإعلان عنان فتح المعبر توجهت إسرائيل للمجتمع الدولي ليذكر مصر بضرورة احترام اتفاقية السلام بين البلدين.

وأشار تقرير لأحد المواقع الإخبارية الإسرائيلية إلي أن إعلان عنان فتح معبر رفح يعني نهاية الحصار علي غزة والذي فرضته إسرائيل بالاشتراك مع الحكومة المصرية في ظل نظام مبارك ففتح معبر رفح سوف يؤدي إلي دخول وخروج الأفراد والسلع التجارية من مصر إلي غزة والعكس دون الحاجة إلي موافقة إسرائيل كما كان يحدث في السابق فقد كان هناك تنسيق بين إسرائيل والنظام السابق بمصر بحيث يكون الحصار علي غزة أحد أدوات الضغط علي أهل غزة حتي يقوموا بإسقاط حكومة حماس بعد أن يشعروا بضائقة اقتصادية تدفعهم لهذا الأمر كما أن قرار فتح معبر رفح يعني استغناء أهل غزة تماما عن إسرائيل فسوف يكون بإمكانهم الحصول علي احتياجاتهم وحتي الخدمات الرئيسية التي يحتاجونها لاسيما الخدمة الصحية من مصر فأي شخص يريد العلاج بإمكانه الذهاب إلي مصر والعودة بعد الاستشفاء بكل سهولة إلي جانب سهولة الحصول علي المواد الغذائية من مصر.

وأشار الموقع الإسرائيلي إلي أن هذا القرار يعد خرقا لاتفاقية المعابر التي تمت بين الولايات المتحدة وإسرائيل ومصر والاتحاد الأوروبي في عام 2005 ولم يتم الإعلان حتي الآن عن الترتيبات الأمنية التي سوف تتخذها مصر لمنع دخول اي إرهابي أو أي سلاح إلي غزة.

وقد رد دان مريدور نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي علي عنان قائلا: «من الأفضل ألا ترسل السلاح إلي أعداء صديقك» ولكنه عاد ليعبر عن قلقه في أحد برامج القناة الثانية الإسرائيلية قائلا بأنه يشعر بالقلق حيث إن الأحداث الحالية في مصر قد تؤدي إلي تغيير اتفاقية السلام وكانت جريدة هآرتس قد أعدت تقريرا يفيد بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يدرس حاليا إيفاد مستشاره المقرب المحامي يتسحاق مولخو إلي القاهرة للتباحث مع أعضاء المجلس الأعلي للقوات المسلحة الذي يباشر السلطة بشكل مؤقت في مصر وأيضا مع أعضاء الحكومة المصرية حول العلاقات المصرية الإسرائيلية لاسيما بعد إعلان عنان فتح معبر رفح إلا أن موعد الزيارة لم يحدد بعد، وأشار تقرير هآرتس إلي ان نتنياهو كان قد تحدث مع عدد من سفراء الدول الأوروبية وبعض أعضاء الكونجرس الأمريكي حول اللهجة الشديدة التي اتسمت بها تصريحات المسئولين المصريين في الفترة الأخيرة فيما يتعلق بإسرائيل كما أشارت هآرتس إلي أنه من المتوقع أن يتحدث مولخو حول هذا الأمر خلال زيارته المنتظرة للقاهرة كما أنه من المتوقع ان يقوم مولخو بإطلاع الجانب المصري علي الخطوط العريضة التي سوف يتضمنها خطاب نتنياهو في الكونجرس قريبا حيث من المتوقع أن يتطرق نتنياهو لقرار مصر بفتح معبر رفح خلال الخطاب كما أشارت هآرتس إلي أن مكتب نتنياهو رفض التعليق علي ما جاء علي لسان عنان.

وأبدت الصحيفة تعجبها من موقف عنان لاسيما أنه حسب قولها كان هناك انطباع بأن علاقة عنان الجيدة برئيس الأركان الإسرائيلي السابق إشكنازي جيدة جدا و يعد إعلان عنان هذا القرار ودفاعه عنه بهذه اللهجة الحادة مفاجأة من العيار الثقيل لإسرائيل فقد أعدت جريدة معاريف الإسرائيلية تقريرا عقب الثورة المصرية حول الأشخاص المؤثرين في القرار المصري في فترة ما بعد الثورة والذين كان من بينهم بكل تأكيد سامي عنان ووصفته الجريدة بأنه قائد عسكري مبجل له علاقات جيدة بإسرائيل إلا أن تقديرات الجريدة الإسرائيلية كانت خاطئة بكل تأكيد.

وأشار تقرير بمعاريف إلي أن عنان حرص علي إقامة علاقات طيبة مع الولايات المتحدة ودول الغرب منذ توليه منصب رئيس الأركان وقد كان في زيارة رسمية بالولايات المتحدة الأمريكية وقت اندلاع الثورة إلا أنه أسرع في العودة إلي مصر وقطع زيارته للولايات المتحدة حتي لا يترك بلاده وسط هذه الأحداث.

وكانت وسائل الإعلام الإسرائيلية قد نقلت عن جريدة واشنطن بوست الأمريكية تقريرا يفيد بأن قادة الجيش المصري وعلي رأسهم وزير الدفاع حسين طنطاوي ورئيس الأركان سامي عنان كانوا قد أخبروا مبارك بأن عليه أن يترك الحكم بإرادته أو أن يتركه بالقوة كما كشف أحد مراكز الأبحاث الأمريكية عن تقرير يفيد بأن مبارك أعد خطة قبل الثورة المصرية بأربعة أشهر لنقل السلطة إلي نجله جمال ووفقا لهذه الخطة يتم تعيين عمر سليمان كنائب للرئيس لمدة عام شريطة أن يعلن الحزب الوطني عن اختيار جمال مبارك كمرشح له في انتخابات الرئاسة إلا أن كلا من طنطاوي وعنان عارضا هذه الخطة وأكدا لمبارك أن هذا الموقف سيكون موقف الجيش المصري بأكمله كما أشار تقرير بجريدة هآرتس إلي أن خلافا حادا كان قد نشأ بين كل من عمر سليمان وسامي عنان بسبب موقفيهما من الثورة المصرية حيث طالب سليمان بتدخل الجيش لوقف الثورة بينما عارضه عنان بشدة الذي أعلن تأييده للثورة المصرية منذ البداية.

وفقا لما نشر في بعض المواقع الإسرائيلية استنادا إلي بعض التقارير العربية فإن مبارك كان قد أصدر قرارا بإقالة وزير الدفاع محمد حسين طنطاوي وتعيين عنان بدلا منه وبعد تعيين عمر سليمان نائبا له إلا أن هذه المعلومة غير مؤكدة وربما كان الأمر في نية مبارك إلا أن عامل الوقت لم يكن في صالحه ولكن في تقرير لجريدة معاريف كانت هناك إشارة بأن عنان من أكبر المؤيدين لطنطاوي بدليل دعمه له كرئيس للمجلس الأعلي للقوات المسلحة في أعقاب الثورة المصرية وقد اعتبرت سميدار بيري محررة الشئون العربية بجريدة يديعوت أحرونوت عنان واحدا من أبرز الشخصيات المؤهلة لرئاسة مصر في الفترة المقبلة لاسيما أنه يحظي بالقبول الشعبي في مصر نتيجة موقفه من ثورة 25 يناير.

يذكر أن عنان من مواليد فبراير عام 1948 بإحدي قري المنصورة وقد انضم للجيش المصري في 1-12-1967 وشارك في حرب الاستنزاف ثم حرب اكتوبر وفي يوليو 1981 أصبح قائد إحدي كتائب الصواريخ وفي اغسطس 1990 عين كملحق عسكري بالمغرب ثم عاد لمصر في عام 1992 وعين كقائد جناح وفي عام 1996 تمت ترقيته لرتبة عقيد وذهب للخدمة في الأقصر وأثناء خدمته بالأقصر كان له دور كبير في عملية التأمين التي أعقبت حادث مقتل السياح والذي سقط خلاله عدد كبير من الضحايا حيث كان قائدا لفرقة الجيش التي تولت عملية التأمين ونجاحه في إعادة الأمن بسرعة للمنطقة بعد هذا الحادث كان نقطة تحول في مشواره بالجيش حيث تدرج بعدها بسرعة في الوظائف القيادية بالجيش ففي عام 1998 أصبح رئيسا للعمليات بقوات الدفاع الجوي وفي يناير 2000 أصبح رئيس أركان قوات الدفاع الجوي وبعد عام ونصف أي في عام 2001 أصبح قائدا لقوات الدفاع الجوي وفي أكتوبر 2005 عينه الرئيس السابق مبارك رئيسا لأركان الجيش وتمت ترقيته لدرجة فريق وأثناء اندلاع الثورة المصرية كان عنان في زيارة رسمية بالولايات المتحدة الأمريكية للقاء عدد من قادة الجيش الأمريكي ولكنه قطع زيارته للولايات المتحدة وعاد لمصر يوم الجمعة 28 يناير ووفقا لتقارير أمريكية فقد كان عنان علي رأس عدد كبير من ضباط الجيش الذين أجبروا مبارك علي التنحي عن السلطة وترك القاهرة.