أكد الدكتور جمال شقرة مدير مركز بحوث الشرق الأوسط ورئيس قسم التاريخ بكلية التربية جامعة عين شمس ان جمال مبارك وزكريا عزمي حاولا تهريب وثائق هامة من قصر العروبة خارج البلاد واصفا خطابات مبارك بالتكتة السخيفة والتي كانت احد الاسباب الرئيسية في خروج الشعب المصري الي ميدان التحرير فضلا عن اشياء اخري كثيرة.. فإلي تفاصيل الحوار:
> لماذا تقدمت ببلاغ للنائب العام عن وثائق قصر العروبة؟
>> تقدمت ببلاغ للنائب العام قبل حرق نيابة الأموال العامة وجهاز مباحث أمن الدولة لأني تخوفت علي هذه الوثائق لأنها علي درجة كبيرة من الأهمية فهي تشمل مرحلة ما قبل ثورة 23 يوليو منذ الملك فؤاد والملك فاروق ومرحلة محمد نجيب مروراً بالسادات وجمال عبدالناصر وصولاً لحكم مبارك، وبها الأرشيف المعروف باسم أرشيف منشية البكري.
وقد أخذ محمد حسنين هيكل صورة من بعض هذه الوثائق.
وأنا اتيحت لي فرصة الإطلاع علي هذه الوثائق مرتين ودخلت رئاسة الجمهورية بتصريح ولكن منذ سنة 1995 منع جمال مبارك الاطلاع علي هذه الوثائق وقام بالسيطرة عليها، وشكل فريقا بحثياً لترتيبها ووضع أكواد بها، وهو الوحيد الذي يحتفظ بهذا الكود، وهذا شيء مخيف للباحثين، وهناك اشاعات كثيرة حول سرقة واخفاء بعض الوثائق المهمة التي تخص عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك.
> هل معني ذلك أن مسلسل التوريث بدأ منذ 1995؟
>> يمكن القول بإنه بدأ جمال مبارك يعد نفسه لذلك وتتبع خط سير الوثائق وما بها من مادة علمية فالوثائق تحوي كل ما يخطر في بال أحد من السياسة المصرية الخارجية والداخلية وبها وثائق العلاقات المصرية الأمريكية والإسرائيلية وتحتوي أيضاً علي وثائق السد العالي وقناة السويس، كما يوجد أرشيف الفساد الإداري في زمن السادات حتي الآن في أرشيف رئاسة الجمهورية.
> هل وجدت محاولات لسرقة الوثائق أو تهريبها؟
>> ظهرت محاولات كثيرة لسرقة هذه الوثائق منها محاولة تهريب وثيقتين قبل احداث ثورة 25 يناير بستة أشهر وتم القبض علي المهربين وإحباط المحاولة، وإلي جانب ذلك عرض موقع ويكيليكس شراء الوثائق المصرية مقابل 10 آلاف دولار للورقة.
وتردد مؤخراً أن جمال مبارك وزكريا عزمي هربا وثائق في سيارات الإسعاف وأحرقا بعض الوثائق داخل القصر، وهذه مسألة خطيرة لأنها تحرم الأجيال القادمة من تاريخهم وتضيع جزءا كبيرا من تاريخ مصر.
> ما تقييمك لأداء زكريا عزمي السياسي؟
>> زكريا عزمي كان متحكما في قصر العروبة، ولعب دورا خطير جداً، ويمكن الحكم عليه وتقييمه بعد أن تهدأ الأمور، أريد القول إن زكريا عزمي وأحمد عز والفاسدين يمكن تلقيبهم بعصابة علي بابا والمائة حرامي.
> هل يمكن القول إن زكريا عزمي قائد الثورة المضادة؟
>> الثورة المضادة هي ثورة الذين سقطوا بعد ثورة يناير موزعين في رجال الأعمال وقيادات الحزب الوطني وكوادر السلطة ومؤسسات الدولة، فمثلاً المحافظ الذي يقال يكون داعما للثورة المضادة،.
بالرغم من وجود ذيول فاسدة تشكل الثورة المضادة ولكن الشعب المصري تدرب علي مواجهة الثورات المضادة لانه شعب ذكي ومتحضر ويفكر كثيراً قبل القيام بالثورة وقد عاش المصريون فترات من هذا النوع ففي التاريخ الفرعوني نجد عصري الاضمحلال الأول والثاني وجوعا وفقرا وفي العصر الإسلامي الشدة المستنصرية وفي التاريخ الحديث نجد من 1803 إلي 1805 بعد خروج الحملة الفرنسية حالة من الفوضي، والشعب المصري تغلب علي كل هذا وتجاوزه.
> إذا انتقلنا إلي صفوت الشريف فهل تعيينه في مناصب سياسية بعد تورطه في فضيحة المخابرات خطأ تاريخي؟
>> أنا قرأت قضية صفوت الشريف «الضابط موافي» في المخابرات فصفوت الشريف وصلاح نصر كانا يجدان مبررا علميا من علوم المخابرات فيما يتعلق باستخدام النساء كوسائل للسيطرة علي أعداء البلاد وهذه وسيلة متبعة في كل أجهزة مخابرات العالم وخاصة باستخدام الساقطات، ولكن صفوت الشريف وصلاح نصر خرجا عن الإطار ويمكن القول إنهما في بدايتهما قاموا بدور مهم جداً وحققا نجاحا في قضايا المخابرات والتجسس التي ضبطت في عصر عبدالناصر كانت تستهدف عبدالناصر والثورة والنظام.
وبدأ انحراف جهاز المخابرات عندما بدأ استخدام الفنانات وعمل حسابات شخصية لصالحهن وإكراههن علي العمل في هذا النوع من المخابرات.
وخروج صفوت الشريف بعد القضية واستمراره في العمل السياسي خطأ كانت وراءه السيدة سوزان مبارك، فمثل هذه العناصر يجب أن تتقاعد وتبتعد عن السياسة أيا كانت وجهة نظرها في الدوار الذي قامت به ويمكن القول إن صفوت الشريف أفسد الحياة السياسية في مصر.
> في رأيك هل تتم محاكمة الرئيس أم تركه للتاريخ يحاسبه؟
>> الشعب المصري طيب ومتسامح ولم يرتكب حماقات وهو يريد من الفاسدين أن يرحلوا ويتركهم للتاريخ فبعد ثورة 23 يوليو انقسمت الآراء بين ضرورة اعدام فاروق أو محاكمته وكان الفريق الأغلب هو تركه للتاريخ وعلي رأس هذا التاريخ يأتي جمال عبدالناصر وفاروق الآن عندما يذكر تذكر سلبياته وأنه خرب مصر ونشر الفساد أي تم وضعه في مذبلة التاريخ، كذلك مبارك وزكريا عزمي وأحمد عز والفاسدون يمكن تصنيفهم ووضعهم في مذبلة التاريخ رغم ما قاموا به من إصلاحات فالأعمال بخواتيمها.
> ماذا عن وسائل الاحتجاج السلبي علي الحاكم والبريد الأسود لعبدالناصر؟
>> الرسائل التي أرسلت لعبدالناصر كانت تستهدف نصحه وإرشاده وبعضها كان يستهدف انتقاده ولفت نظره إلي مسائل أخري وهذه الرسائل عرفت بالبريد الأسود وهذا البريد يحتوي علي 88 ألفا و204 شكاوي أرسلت لعبدالناصر.
وكانت هذه الشكاوي تحوي مطالب والتماسات وسبابا وكان معظمها جاء لعبدالناصر من أعدائه مثل الإخوان المسلمين والباشوات وكان عبدالناصر يقرأها جيداً ويحقق فيها.
أما الرسائل والشكاوي التي أرسلت إلي السادات ومبارك فكانت تنبع من الجوع والفقر بعد سياسة السداح مداح الاقتصادية، التي ضغطت علي الطبقة المتوسطة التي أنعشها عبدالناصر وأخرج منها الأطباء والمهندسين وأساتذة الجامعة وبدأت هذه الطبقة تندثر في عهد (السادات ومبارك) وبدأ يسحب من تحت أقدامها الانجازات التي حققها لها عبدالناصر، فهذه الطبقة تعتبر رمانة الميزان في الشعب المصري والمجتمع، وبدأت السياسة الاقتصادية ضدهم بعد تطبيق الانفتاح وبيع القطاع العام إلي الحد الذي وصل إلي عرض اقتراح إلغاء مجانية التعليم، وهذه الطبقة هي التي قامت بثورة 25 يناير وكنا نخشي أن تقوم ثورة جياع خالصة قادمة من العشوائيات وأطفال الشوارع ولكن ستر ربنا وقام بالثورة المثقفون والطبقة المتوسطة.
> ما أهم ما توصلت له الدراسة التي أعدتها عن الاحتجاج السلبي؟
>> توصلت في الدراسة إلي أنه قد تكون هذه الرسائل مشاركة بين الحاكم والشعب إذا كان الحاكم يحس أما إذا كان جلد الحاكم سميكا وأسمك من جلد الفيل حتي لا نظلم الفيل ويرفض أن يحلل هذه الرسائل في هذه الحالة تكون الرسائل لا قيمة لها ويستحق الحاكم ما سيحدث له.
> لكن بعض المقربين من الرئيس السابق مبارك أكدوا أنه لم يكن يحب القراءة فهل أدي ذلك إلي تغييبه عن الشارع؟
>> ليس مبارك فقط ولكن السادات أيضاً لم يكن يحب القراءة فقد قال السادات مرة ارفعوا من أمامي هذه الأوراق لا أريد أن أموت كمامات عبدالناصر، ومبارك أيضاً كان يزعج المقربين منه إذا حاولوا تقديم تقارير له فطالما أنه لا يقرأ التقارير التي تصله عن نبض الشارع فهو لا يعرف مشاكله ولا توجهاته ولذلك كنا نسمع في كل خطاب للرئيس السابق مبارك نكتة سخيفة يقول فيها إنه منحاز للفقراء وكل انجازاته لهم وتلتفت يمينا ويسارا وإذا الفقراء ينبشون في صناديق القمامة للحصول علي الطعام وفي المقابل نجد تضخما لثروات الطبقة الرأسمالية الطفيلية ورجال الأعمال.
