تحولت الساعات الماضية في حياة عائلة الرئيس المخلوع إلي سرادق عزاء، فبعد أيام سيأتي عيد ميلاد مبارك وهو تاريخ يحمل الكثير من الذكريات، حيث نجح الطاغية في تحويله إلي يوم عالمي تحتفل به الأوساط المصرية الحكومية، ولقد اختارته سوزان مبارك ليكون هو نفس تاريخ زواج جمال من خديجة الجمال، ولكن ها هو اليوم يتحول إلي كابوس، حيث بكي جمال وعلاء في السجن وتقدما بطلب إلي المجلس الأعلي للقوات المسلحة يلتمسان فيه الموافقة علي خروجهما للاحتفال بوالدهما الذي قد يكون هذا الاحتفال هو الأخير في حياته، وكتب علاء رسالة حزينة إلي رئيس مصلحة السجون قال فيها إن الأعمار بيد الله، وأنه لا مهرب من القدر.. مشيرا إلي الظروف الأليمة التي تعيشها العائلة مع اقتراب الاحتفال بميلاد كبير العائلة، وطلب أن يتم السماح له ولشقيقه جمال بزيارة والدهما والعودة إلي محبسهما في نفس الليلة وتحت أي شروط أو قيود تضعها إدارة السجون.
لقد كانت إرادة الله هي الأقوي، وصدق تعالي في قوله: «سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتي يتبين لهم أنه الحق من ربهم».
فقد ذهبت الثروات والمليارات وذهبت الحفلات التي كانت لا تقل عن حفلات الملك فاروق بعيد الجلوس علي عرش مصر، ومن كان يصدق في مصر والعالم كله أن عيد ميلاد مبارك الذي كان يتم تجنيد الصحف والمجلات ووسائل الإعلام للاحتفال به سيصبح في يوم من الأيام كابوسا يخيم علي عائلة مبارك؟!.. من كان يصدق أن الأفراح والاحتفالات والضحك والهدايا الثمينة ستتحول إلي يوم أسود وذكري أليمة؟!
فبعد ساعات وفي 4 مايو سيكمل مبارك عامه الثالث والثمانين، وكان مقررا أن يحتفل به في سجن طرة بصحبة ولديه جمال وعلاء، وجاء المرض ليبقي مبارك علي فراش المرض أو الموت في حين مازالت سوزان تتذوق المرارة وحدها بعد أن وجدت نفسها وحيدة مع مبارك الذي أصبح في حالة متدهورة وشبه غائب عن الوعي ولا يستيقظ إلا علي بكاء سوزان، فقد أصبح المصير مأساويا بمعني الكلمة بعد أن تم وضع ولديه خلف القضبان في فضيحة تاريخية لن تنساها الأجيال.
وتوسلت سوزان إلي خديجة كي تصطحب الحفيدة فريدة وتأتي إلي شرم الشيخ لتجلس دقائق مع جدها الذي يحتاج وجودها ربما يعود إلي الحياة ولو لدقائق، لكن خديجة أبدت تخوفاتها الشديدة من وسائل الإعلام التي ولابد ستكون في انتظار تلك اللحظة وتستعد لها، وهو ما تحاول خديجة أن تتجنبه وأن تبتعد بطفلتها عن كل تلك الظروف المأساوية التي تعيشها العائلة، وغضبت سوزان لأنها تعلم أن مبررات خديجة واهية وأنها قد اتخذت كل الإجراءات لمنع أي محاولة لتصوير زوجها أو الاقتراب من غرفته، هذا بخلاف الإجراءات التي تم اتخاذها من حماية أمنية للشوارع المؤدية إلي المستشفي، لكن تلك هي الحياة، فزوجة الابن تريد أن تبتعد نهائيا في الوقت المناسب، وتعرف أن اقترابها في هذا الوقت سيجر عليها مشاكل هي في غني عنها خاصة أن والدها ينتظره مستقبل مجهول هو الآخر.
أما هايدي فقد أصرت علي أن تحضر لزيارة حماها في عيد ميلاده، ووعدت سوزان بأن علاء وجمال سيحضران إلي المستشفي، في حين قالت سوزان إنها تتمني أن يتم الاحتفال بزوجها في ميدان مصطفي محمود احتراما لحالته الصحية.
وعلي الجانب الآخر أعلنت الجبهات المؤيدة للرئيس المخلوع أنها ستتحرك من ميدان مصطفي محمود إلي شرم الشيخ صباح 4 مايو للاحتفال بمبارك وتحويل مدينة شرم الشيخ إلي كرنفال ومهرجان يعيد إلي الرئيس المخلوع اعتباره حسب تصريحات المؤيدين، في حين لم تتوقف حملات السخرية علي هؤلاء، وقالت مجموعات علي الفيس بوك إن الآلاف سوف يرتدون الملابس السوداء في صباح 4 مايو في قلب ميدان التحرير للمطالبة بوضع مبارك في سجن طرة ونقله من المستشفي، وقالت حركة 6 أبريل إن عيد ميلاد مبارك شهد أول دعوة إلي العصيان المدني العام قبل الماضي وصاحبته أول انتفاضة في المحلة الكبري للعمال، وأن ميلاد مبارك يذكر الشعب المصري بالكوارث التي عاشها علي مدار 30 سنة هي حكم عائلة مبارك.
وحتي كتابة هذا التقرير مازال الطلب المقدم من علاء وجمال محل دراسة وبحث، خاصة أنه في حالة الموافقة علي طلبهما حتي ولو كانت موافقة تراعي الجانب الإنساني فإن احتمالات الثورة والغضب الشعبي واردة، كما أن خروجهما يعتبر مغامرة غير محسوبة ويحمل تخوفات بهروبهما كما يحتاج تجهيزات أمنية ضخمة وهو الأمر الذي يصعب تحقيقه حاليا.
وتقول المؤشرات إن الرئيس المخلوع سيقضي أسوأ عيد ميلاد في حياته سواء كان غائبا عن الوعي أو غير ذلك، وتشير تقارير صحية عن تدهور حاد في حالته بحكم الحالة النفسية ونوبات الاكتئاب التي تنتابه كلما حاول الإفاقة.
