أعز انسان رأيته فى حياتى ، صاحب مبدأ وقيمة ، ذا نفس عزيزة أبية ، هذا الطفل كان يبيع النعناع فى المترو ، يبدأ البيع بأن يمر على الركاب تاركا فى حجر كل راكب باكو نعناع سعره نصف جنيه ، ثم بعد ذلك يمر ثانية ليأخذ ثمن النعناع إن اشترى منه أحد ، أو يأخذ باكو النعناع ثانية ، لكن بينما سيدة تجلس على مقعد أخذت النعناع وحفظته فى حقيبتها ، ولما مر عليها "عمار" قانت بإعطائه ثمن النعناع النصف جنيه ، أبى أن يأخذ منها النصف جنيه ، وقال لها أين النعناع الذى أخذتيه ، أين هو ، قالت له لماذا ؟! هى مندهشة من طلبه الغريب ، وأخذت السيدة فى شد وجذب مع عمار ، حتى أرته باكو النعناع ، فأخذ منها النصف جنيه ..عمار يريد أن يتأكد أن السيدة لم تعطه النصف جنيه صدقة ، بل أخذت فعلا النعناع ، يريد أن يتأكد أن النصف جنيه كان بمقابل ، وليس بلا مقابل .مشهد آخر بينما عمار يكمل مروره إذ بشخص
يأخذ باكو نعناع واحد ثمنه نصف جنيه ، ويعطى عمارا جنيها كاملا ، فيأبى عمار أشد الإباء أن يأخذ إلا النصف جنيه فقط ، وقام بأخذ الجنيه وإعطاء الرجل نصف جنيه باقى الجنيه ، وأبى الرجل أن يأخذ الباقى ، وظل يناشد عمارا ويرجوه أن يأخذ الجنيه ، فقام عمار بإعطائه باكو نعناعا آخر بالنصف جنيه الآخر ، فأبى الرجل ، كل هذا اامشهد أخذ وقتا ، والناس فى المترو ترجوا عمارا أن يأخذ الجنيه كاملا ، والطفل يأبى فى عزة وإباء وشرف ، بل قام بترجيع البيعة كاملة ، أخذ من الرجل النعناع وقال له لن أبيع ، وهنا قال ركاب المترو للرجل خذ الباكو بالنصف جنيه وخلاص وأمرك لله .والله لهذا الصبى الصغير أكبر وأعز وأغلى وأعلى قدرا وشأنا من ساكنى البيوت الفارهة والفيلل الضخمة والقصور الأنيقة ، ممن يبيعون القيم والمبادىء والهوية بأبخس الأثمان ..حفظك الله يا عمار يا أنبل من رأت عين وأعز من وقع عليه بصر ..