تنمية سيناء..مشروع قومي متي يكتمل ؟

يقدمها : احمد رمضان
القيادات الشعبية وشيوخ القبائل: ترعة السلام و آبار لمياه الشرب و سكة حديد ومحافظة ثالثة بالوسط.. مطالب عادلة
عبدالفضيل شوشة: حوافز استثمارية لرجال الأعمال ومناطق صناعية جديدة وتوطين 3 ملايين.. أهم الأهداف
تحقيق : أحمد خميس
في كل عام.. وبمناسبة الاحتفالات بأعياد سيناء.. تنطلق تصريحات الحكومة.. وتعقد الاجتماعات الوزارية.. ويتسابق الوزراء في الإعلان عن حوافز الاستثمار وبحث الإسراع بالمخطط الشامل للتنمية علي أرض سيناء في مختلف المجالات العمرانية والاقتصادية والصناعية والزراعية.. دون ان يتحقق المستهدف.
هذه التصريحات نسمعها منذ تحرير الأرض في عام ..1974 وبعد استلام آخر شبر فيها في عام ..1984 وتتكرر في نفس المناسبة منذ انطلاق مشروع تنمية سيناء بشكل رسمي في عام 1994 الذي بدأ يرصد استثمارات ب 75 مليار جنيه.. ولكن بدأ 9 سنوات فقط علي انتهاء المشروع في عام ..2017 ولم ينفذ منه سوي 20% فقط.
والجديد في تصريحات هذا العام.. أن الحكومة تقوم بالإعداد لأسلوب جديد لتطوير سيناء تتناسب مع الأهداف التنموية فيها.
ولأنها قضية "مواطنة" من الدرجة الأولي لحماية حدود مصر الشرقية التي أصبحت مطمعا للبعض.. لدرجة ان استباح أرضها فئة ضالة خارجة عن قانون الأمة العربية لتنفيذ مخططاتها في ظل عزلة المكان والسكان.. نبتعد عن وعود وتصريحات المسئولين.. لنسأل سكان سيناء وقبائلها وشيوخها وقياداتها الطبيعية عن رؤيتهم في تنمية.. وكيف تتحقق علي أرض الفيروز لترسخ مباديء الانتماء والشعور القومي حتي لايجد الإرهاب منفذا إليها؟!
20% من الأهداف فقط
نبدأ برؤية فايز أبوحرب عضو مجلس الشعب من شمال سيناء.. حيث يؤكد ان التنمية في سيناء تبدأ من خلال المشروع القومي لتنميتها والذي انطلق عام 1992 ويمتد حتي 2017 باستثمارات قدرت ب 75 مليار جنيه واستهدف في بدايته ربط سيناء بمصر والخارج ورفع عدد سكانها الي 3 ملايين نسمة ولكن للأسف لم يتحقق سوي 20% فقط من هذه الأهداف.
ويشير أبوحرب الي انه رغم نجاح الدولة في تنفيذ عدة مشروعات في الكهرباء والطرق والمرافق اللازمة للخدمات الأساسية الا ان هناك قصورا شديدا في الاهتمام بوسط سيناء والتي تعاني مشاكل كثيرة وتمثل مساحة كبيرة من منطقة سيناء كلها.. ويكفي ان نعلم ان 50 ألف نسمة فقط هم الذين تم جذبهم لسيناء بعد مرور 16 سنة علي قيام المشروع القومي لتنمية سيناء.
ويعدد أبوحرب المزايا التي تتمتع بها سيناء وهي وجود شريط ساحلي علي ساحل البحر الأبيض طوله 220 كيلو مترا لم يستغل منه حتي الآن سوي 10 كيلو مترا فقط. كما يوجد في الشمال أخصب الأراضي الزراعية والتي قام المواطنون بزراعتها بالمجهود الذاتي في مساحة 250 فدانا فقط بالخوح والزيتون وعلي مياه الآبار.
يضيف انه يمكن من خلال هذا الشريط الساحلي والهواء النقي انشاء منتجعات سياحية عالمية بدلا من الاعتماد علي دهب وشرم الشيخ فقط وتوجيه كل الاستثمارات اليها مع انشاء مناطق صناعية تعتمد الكنوز التي تزخر بها سيناء ولم تتم الاستفادة منها حتي الآن.
محافظة بالوسط
رمضان مرزوقة عضو مجلس الشعب عن شمال سيناء يري هو الآخر تجاهلا كبيرا من جانب وسائل الإعلام وقصورا في التعامل مع قضاياهم والتركيز علي السلبيات التي تظهر بين حين وآخر وهو للأسف ما يؤدي الي تفاقم الأوضاع في أي مشكلة.
ويؤكد علي أهمية وجود محافظة ثالثة في وسط سيناء مع توفير ادارة مركزية تدير 3 محافظات وتضع الخطط والبرامج لتنمية سيناء لأنها أكبر بكثير من ان تكون مهمة ادارية لوجده في وزارة الإسكان وهناك تجارب مماثلة تمت في مصر مثل وزارة السد العالي عام 1961 ووزارة شئون بورسعيد.. فما المانع من انشاء وزارة تنمية سيناء؟
ترعة السلام
عيسي الخرافبين عضو مجلس الشعب عن شمال سيناء يؤكد علي جانب يراه شديد الأهمية لإحداث التنمية في سيناء وهو تجهيز المرحلة الثانية والثالثة في ترعة السلام وذلك حتي يتم استثمار أكثر من 85 ألف فدان في منطقة الحسنة ونخل بوسط سيناء يستفيد منها الأهالي الذين لجأوا الي الغرب في الاسماعيلية أو الي الشمال بعد ان انعدمت مظاهر الحياة في وسط سيناء.
ويقول انه رغم ان منطقة وسط سيناء والمحررة منذ عام 1979 لا تحظي بأي اهتمام من جانب الدولة فإن هذا القصور يزداد يوما بعد يوم وحالة الاحتفال بين حين وآخر تتفاقم مع انعدام وجود بنية تحتية من المياه والكهرباء فأهل الوسط لايزالون حتي اليوم يشربون من مياه الفنطاس الذي امتزجت مياهه بالصدأ وتحدثنا الي رئيس الوزراء الي عدم انتظام مجيء المياه واذا جاءت فهي غير صالحة ولكن لم يحدث اي تقدم في هذه المشكلة.
التعليم والانتماء
ويؤكد عيسي علي نقطة أخري وهي ان التنمية في سيناء تسير نحو المجهول في ظل انخفاض المستوي التعليمي وهذا بدوره يحرم ابناء المنطقة من أي طموحات في المستقبل. وقضية حصول ابناء الوسط علي التعليم والتوعية التي يحظي بها أي مواطن في 28 محافظة أمر تحتمه الظروف الحالية فالمتعلم يكون منارة في مكانه ويعلم ابناءه الانتماء.
ويلفت الانتباه الي ان الطامة الكبري في وجود مياه شديدة التلوث وبعد ان كان من المفترض ان يقام علي هذه المنطقة 23 مأخذاً لمد المياه لم ينفذ منها الا مأخذ واحد مما أهدر 600 ألف فدان و50 مليون شجرة ونحن لدينا كافة الامكانات التي تؤهلنا للتقدم لتصبح سيناء هي المستقبل الاقتصادي الحيوي لمصر.
الجدول الزمني
عطية أبوقردود عضو مجلس الشوري يتساءل عن الجدول الزمني الذي وضعته الحكومة للنهوض بسيناء ورغم انها البديل الحقيقي لحل معظم مشاكل مصر من حيث المساحة الكبيرة والكنوز التي تزخر بها.
ويشير الي ان تقرير مجلس الشوري الأخير والذي أعدته لجنة الإسكان والشئون العربية برئاسة المهندس سليمان متولي كشف العديد من المفاجآت وأكدت ان المجتمعات البدوية تعاني سوء التغذية وعدم وصول الدعم لمستحقيه وان البدو في سيناء ينفقون 80% من دخولهم الشهرية علي الطعام.. مشيرا الي ان سوء التغذية بين بدو سيناء أدي الي ظهور أمراض توقف النمو وزيادة نسبة وفيات الأطفال 480 حالة لكل 1000 طفل.
20 ألف نسمة
خليل أبوامراحيل شيخ قبيلة التباهة والتي تعتبر أولي القبائل التي سكنت سيناء يقول ان الوضع في منطقة وسط سيناء سييء جدا بالنسبة للخدمات الصحية والتعليمية. ويكفي ان العيد جاء علينا ولم يكن هناك طبيب واحد في المنطقة رغم ان عدد سكان قبيلة التباهة وحدها 20 ألف نسمة.
ويضيف ان الإنارة معدومة في المنطقة والمواطنون يستعينون بالديزل وآبار المياه معدومة ومعظم الأراضي في منطقة الوسط خالية تقدر بمئات الكيلو مترات قد تكون بؤرا للخارجين عن القانون والإرهاب.
ويعلق شيخ قبيلة التباهة عن الناحية التعليمية قائلا رغم توافر المدارس الا ان المدرسين غير موجودين أو أنهم غير مؤهلين وبالتالي القبيلة منذ 25 عاما لم يخرج منها واحد يدخل الجامعة وهذا يوضح حجم الكارثة.
تعطيل التنمية
محمد الدهيمي شيخ قبيلة البنيات يقول ان التنمية تسير ببطء كبير مشيرا الي ان معظم التوترات التي تنشأ في المنطقة سببها الرئيسي تعطيل التنمية فمنطقة الحسنة بها 20 قرية ونخل بها 10 قري لا تكاد أبسط وسائل الحياة تكون موجودة فيها.
سليمان بن عامر شيخ قبيلة السجيرات يقول: ان هناك 2 مليون جنيه لأبناء الوسط تأتي سنويا من الحكومة لتشغيل الشباب في دواوين الحكومة المختلفة تم تخفيضهم لمليون فقط وهذا يكرس عدم المصداقية بين الدولة والمواطنين في سيناء.
السكة الحديد
سالم العتر رئيس المجلس المحلي لمحافظة شمال سيناء يقول: ان أهم مطالب أهل سيناء تتمثل في توصيل ترعة السلام لمنطقة السر والقوارير بوسط سيناء وضمان اعطاء الشباب 25% من الأراضي حول الترعة فوسط سيناء وحدها بها أكثر من 90 ألف نسمة وتمتد عبر 121 ألف كيلو متر مربع أي أنها تمثل 79% من مساحة سيناء.
ويشيرأيضا الي أهمية استكمال خطوط السكة الحديد من القنطرة غرب وحتي بئر العبد وصولا الي أواسط سيناء وهو مطلب حيوي يتيح التنقل لهم في مساحة تصل ل 300 كيلو متر وبعد ان تعطل العمل في هذا الخط بشكل نهائي.
ويؤكد العتر علي أهمية تقنين أحوال واضعي اليد وأصحاب الزراعات الفعلية والذين نجحوا بأبسط الوسائل في زراعات كثيرة وانشاء محطة تحلية مياه العريش.
الأمن القومي
اللواء فاروق طه اسماعيل رئيس لجنة الأمن القومي بمجلس الشعب يقول ان اللجنة التي ذهبت الي سناء أوصت باستكمال ترعة سيناء خاصة في منطقة الوسط تحقيقا للأمن القومي المصري وانشاء مجمع زراعي متكامل علي مساحة 85 ألف فدان بوسط سيناء.
ويشدد علي أهمية حفر آبار مياه يتكلف الواحد منها مليونا و300 ألف جنيه وانشاء بيوت للبدو تصل في المرحلة الأولي 600 بيت وتوفير حوافز غير نمطية للقطاع الخاص وانشاء خط مياه اسماعيلية الجفجافة بوسط سيناء ووجود جامعة حكومية ودائرة انتخابية في الوسط وتوفير بطاقات الرقم القومي وشهادات الميلاد ورخص السيارات وعقود الزواج لعدم وجود ارقام صحيحة.
ويركز رئيس لجنة الأمن القومي علي ضرورة الاهتمام بثروات هذه المنطقة المعدنية وغيرها والبدء في توزيع أراضي ترعة السلام والتي أوكل مسئوليتها لوزارة الزراعة والتي تقاعست حتي هذا الوقت.. والمواطن في سيناء يري هذه الترعة منذ 10 سنوات ولا يستطيع الاستفادة منها.
حق الانتفاع
ومن جانبه يقول اللواء محمد عبدالفضيل شوشة محافظ شمال سيناء ان المرجع الأساسي للتنمية هو المشروع القومي لتنمية سيناء وقد نفذت الحكومة التزاماتها في هذا المشروع وهي 30% والتي تتمثل في الطرق والكهرباء والبنية الأساسية وبقي الدور علي القطاع الخاص والذي يمثل نسبة مشاركته في هذا المشروع 70%.
ويتحدث اللواء شوشة بنبرة أسف ان اهتمام بالقطاع الخاص ورجال الأعمال فيه قصور شديد لكنه عاد وأكد علي أهمية توفير حوافز استثمارية لجذب أكبر عدد للمنطقة.
ومن أهم هذه الحوافز يشير محافظ شمال سيناء الي ان الأراضي يجب ان تكون بحق التملك مثل أراضي العاشر والعبور وليست بحق الانتفاع.
مجمع للصناعات
ويوضح شوشة أهم ملامح التنمية خلال الفترة القادمة في الاستفادة من تنوع الأراضي بين صلبة وصحراوية وكثبان رملية وهي تسمح بوجود مواد حجرية ذات استغلال اقتصادي في ال 100 سنة القادمة. كما ان الرمل الزجاجي الأبيض والذي يدخل في صناعة الزجاج والكريستال والعدسات الطبية وشاشات الكمبيوتر.
ويضيف انه يتم التركيز علي انشاء مجمع متكامل للصناعات الزجاجية لاستغلال هذه المواد الخام. كما ان أرض سيناء تحتوي علي أجود أنواع ملح الطعام في العالم والذي يصل انتاجه ل 5.1 مليون طن سنويا.
ويؤكد محافظ شمال سيناء ان النظرة المستقبلية لمحور التنمية الزراعية طبقا للتخطيط تتمثل في ترعة السلام لزراعة نحو 300 ألف فدان في المحافظة.