العاملين بالسكك الحديدية و المتـــــــرو
عزيزى الزائر
نرجو من سيادتك اذا كان لديك موضوع اومقترح لتطوير مجالات العمل فى الهيئة القوميةلسكك حديد مصر اومترو الانفاق نرجو الاتصال بنا أو ابلاغنا فى القسم المخصص للمنتدى أو الاتصال على الموبايل الاتى:-
0125040673
العاملين بالسكك الحديدية و المتـــــــرو
عزيزى الزائر
نرجو من سيادتك اذا كان لديك موضوع اومقترح لتطوير مجالات العمل فى الهيئة القوميةلسكك حديد مصر اومترو الانفاق نرجو الاتصال بنا أو ابلاغنا فى القسم المخصص للمنتدى أو الاتصال على الموبايل الاتى:-
0125040673
العاملين بالسكك الحديدية و المتـــــــرو
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

العاملين بالسكك الحديدية و المتـــــــرو

 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 عقد الصلح في الشريعة الإسلامية - الجزء الثاني

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
admin
Admin
admin


المساهمات : 3578
تاريخ التسجيل : 11/11/2010

عقد الصلح في الشريعة الإسلامية - الجزء الثاني Empty
مُساهمةموضوع: عقد الصلح في الشريعة الإسلامية - الجزء الثاني   عقد الصلح في الشريعة الإسلامية - الجزء الثاني Emptyالأحد أبريل 10, 2011 3:57 pm

عقد الصُلْح في الشريعة الإسلامية

( الجزء الثاني )



ثانياً : صلح المعاوضة :

وهو الّذي يجري على غير الدّين المدّعى ، بأن يقرّ له بدين في ذمّته ، ثمّ يتّفقان على تعويضه عنه . وحكمه حكم بيع الدّين ، وإن كان بلفظ الصّلح . وهو عند الفقهاء على أربعة أضرب :

الأوّل : أن يقرّ بأحد النّقدين ، فيصالحه بالآخر ، نحو : أن يقرّ له بمائة درهم ، فيصالحه منها بعشرة دنانير ، أو يقرّ له بعشرة دنانير ، فيصالحه منها على مائة درهم .

وقد نصّ الفقهاء على أنّ له حكم الصّرف ؛ لأنّه بيع أحد النّقدين بالآخر ، ويشترط له ما يشترط في الصّرف من الحلول والتّقابض قبل التّفرّق .

والثّاني : أن يقرّ له بعرض ، كفرس وثوب ، فيصالحه عن العرض بنقد ، أو يعترف له بنقد، كدينار ، فيصالحه عنه على عرض .

وقد نصّ الفقهاء على أنّ له حكم البيع ؛ إذ هو مبادلة مال بمال ، وتثبت فيه أحكام البيع . والثّالث : أن يقرّ له بدين في الذّمّة - من نحو بدل قرض أو قيمة متلف - فيصالح على موصوف في الذّمّة من غير جنسه ، بأن صالحه عن دينار في ذمّته ، بإردبّ قمح ، ونحوه في الذّمّة .

وقد نصّ الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة على صحّة هذا الصّلح ، غير أنّه لا يجوز التّفرّق فيه من المجلس قبل القبض ؛ لأنّه إذا حصل التّفرّق قبل القبض كان كلّ واحد من العوضين دينًا - لأنّ محلّه الذّمّة - فصار من بيع الدّين بالدّين ، وهو منهيّ عنه شرعاً .

وقال الشّافعيّة : يشترط تعيين بدل الصّلح في المجلس ليخرج عن بيع الدّين بالدّين .

وفي اشتراط قبضه في المجلس وجهان : أصحّهما : عدم الاشتراط إلاّ إذا كانا ربويّين . والرّابع : أن يقع الصّلح عن نقد ، بأن كان على رجل عشرة دراهم ، فصالح من ذلك على منفعة : كسكنى دار ، أو ركوب دابّة مدّة معيّنة ، أو على أن يعمل له عملاً معلوماً .

وقد نصّ الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة على أنّ لهذا الصّلح حكم الإجارة ،وتثبت فيه أحكامها.

القسم الثّاني :

الصّلح مع إنكار المدّعى عليه :

وذلك كما إذا ادّعى شخص على آخر شيئاً ، فأنكره المدّعى عليه ، ثمّ صالح عنه . وقد اختلف الفقهاء في جوازه على قولين :

أحدهما لجمهور الفقهاء - من الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة - : وهو جواز الصّلح على الإنكار . بشرط أن يكون المدّعي معتقداً أنّ ما ادّعاه حقّ ، والمدّعى عليه يعتقد أن لا حقّ عليه . فيتصالحان قطعاً للخصومة والنّزاع . أمّا إذا كان أحدهما عالماً بكذب نفسه ، فالصّلح باطل في حقّه ، وما أخذه العالم بكذب نفسه حرام عليه ؛ لأنّه من أكل المال بالباطل . واستدلّوا على ذلك :

أ - بظاهر قوله تعالى : { وَالصُّلْحُ خَيْرٌ } . حيث وصف المولى عزّ وجلّ جنس الصّلح بالخيريّة . معلوم أنّ الباطل لا يوصف بالخيريّة ، فكان كلّ صلح مشروعاً بظاهر هذا النّصّ إلاّ ما خصّ بدليل .

ب - بعموم قوله صلى الله عليه وسلم : « الصّلح جائز بين المسلمين » .

فيدخل ذلك في عمومه .

ج - وبأنّ الصّلح إنّما شرع للحاجة إلى قطع الخصومة والمنازعة ، والحاجة إلى قطعها في التّحقيق عند الإنكار - إذ الإقرار مسالمة ومساعدة - فكان أولى بالجواز .

قال ابن قدامة : وكذلك إذا حلّ مع اعتراف الغريم ، فلأن يحلّ مع جحده وعجزه عن الوصول إلى حقّه إلاّ بذلك أولى .

د - ولأنّه صالح بعد دعوى صحيحة ، فيقضى بجوازه ؛ لأنّ المدّعي يأخذ عوضاً عن حقّه الثّابت له في اعتقاده ، وهذا مشروع ، والمدّعى عليه يؤدّيه دفعاً للشّرّ وقطعاً للخصومة عنه ، وهذا مشروع أيضاً ، إذ المال وقاية الأنفس ، ولم يرد الشّرع بتحريم ذلك في موضع.

هـ - ولأنّ افتداء اليمين جائز ؛ لما روي عن عثمان وابن مسعود : أنّهما بذلا مالاً في دفع اليمين عنهما . فاليمين الثّابتة للمدّعي حقّ ثابت لسقوطه تأثير في إسقاط المال ، فجاز أن يؤخذ عنه المال على وجه الصّلح ، أصله القود في دم العمد .

والثّاني للشّافعيّة وابن أبي ليلى : وهو أنّ الصّلح على الإنكار باطل .

واستدلّوا على ذلك :

أ - بالقياس على ما لو أنكر الزّوج الخلع ، ثمّ تصالح مع زوجته على شيء، فلا يصحّ ذلك.

ب - وبأنّ المدّعي إن كان كاذباً فقد استحلّ مال المدّعى عليه ، وهو حرام ، وإن كان صادقًا فقد حرّم على نفسه ماله الحلال ؛ لأنّه يستحقّ جميع ما يدّعيه ، فدخل في قوله صلى الله عليه وسلم : « إلاّ صلحاً أحلّ حراماً أو حرّم حلالاً » .

ج - وبأنّ المدّعي اعتاض عمّا لا يملكه ، فصار كمن باع مال غيره ، والمدّعى عليه عاوض على ملكه ، فصار كمن ابتاع مال نفسه من وكيله . فالصّلح على الإنكار يستلزم أن يملك المدّعي ما لا يملك ، وأن يملك المدّعى عليه ما يملك ، وذلك إن كان المدّعي كاذباً . فإن كان صادقاً انعكس الحال .

د - ولأنّه عقد معاوضة خلا عن العوض في أحد جانبيه ، فبطل كالصّلح على حدّ القذف .

التّكييف الفقهيّ للصّلح على الإنكار :

قال ابن رشد في " بداية المجتهد " : وأمّا الصّلح على الإنكار ، فالمشهور فيه عن مالك وأصحابه : أنّه يراعى فيه من الصّحّة ما يراعى في البيوع . ثمّ قال : فالصّلح الّذي يقع فيه ما لا يجوز في البيوع هو في مذهب مالك على ثلاثة أقسام : صلح يفسخ باتّفاق ، وصلح يفسخ باختلاف ، وصلح لا يفسخ باتّفاق إن طال ، وإن لم يطل ففيه اختلاف .

وفرّق الحنفيّة والحنابلة بين تكييفه في حقّ المدّعي وبينه في حقّ المدّعى عليه وقالوا : يكون الصّلح على مال المصالح به معاوضةً في حقّ المدّعي ؛ لأنّه يعتقده عوضاً عن حقّه ; فيلزمه حكم اعتقاده ، وعلى ذلك : فإن كان ما أخذه المدّعي عوضاً عن دعواه شقصاً مشفوعاً ، فإنّها تثبت فيه الشّفعة لشريك المدّعى عليه ؛ لأنّه أخذه عوضاً ، كما لو اشتراه . - ويكون الصّلح على الإنكار في حقّ المدّعى عليه خلاصاً من اليمين وقطعاً للمنازعة ؛ لأنّ المدّعي في زعم المدّعى عليه المنكر غير محقّ ومبطل في دعواه ، وأنّ إعطاءه العوض له ليس بمعاوضة بل للخلاص من اليمين ، إذ لو لم يصالحه ويعط العوض لبقي النّزاع ولزمه اليمين . وقد عبّر الحنابلة عن هذا المعنى بقولهم : يكون صلح الإنكار إبراءً في حقّ المنكر؛ لأنّه دفع إليه المال افتداءً ليمينه ودفعاً للضّرر عنه لا عوضاً عن حقّ يعتقده عليه .

وبناءً على ذلك : لو كان ما صالح به المنكر شقصاً لم تثبت فيه الشّفعة ؛ لأنّ المدّعي يعتقد أنّه أخذ ماله أو بعضه مسترجعاً له ممّن هو عنده ، فلم يكن معاوضةً ، بل هو كاسترجاع العين المغصوبة .

القسم الثّالث :

الصّلح مع سكوت المدّعى عليه :

وذلك كما إذا ادّعى شخص على آخر شيئاً ، فسكت المدّعى عليه دون أن يقرّ أو ينكر، ثمّ صالح عنه .

وقد اعتبر الفقهاء - ما عدا ابن أبي ليلى - هذا الصّلح في حكم الصّلح عن الإنكار ؛ لأنّ السّاكت منكر حكماً . صحيح أنّ السّكوت يمكن أن يحمل على الإقرار ، وعلى الإنكار ، إلاّ أنّه نظراً لكون الأصل براءة الذّمّة وفراغها ، فقد ترجّحت جهة الإنكار .

ومن هنا كان اختلافهم في جوازه تبعاً لاختلافهم في جواز الصّلح عن الإنكار .

وعلى هذا ، فللفقهاء في الصّلح عن السّكوت قولان :

أحدهما : للحنفيّة والمالكيّة والحنابلة : وهو جواز الصّلح على السّكوت ، وحجّتهم نفس الأدلّة الّتي ساقوها على جوازه عن الإنكار .

وقد اشترطوا فيه نفس الشّروط ورتّبوا ذات الأحكام الّتي اعتبروها في حالة الإنكار .

هذا وقد وافقهم على جوازه ابن أبي ليلى - مع إبطاله الصّلح عن الإنكار - حيث اعتبره في حكم الصّلح على الإقرار .

والثّاني : للشّافعيّة : وهو عدم جواز الصّلح على السّكوت ، وأنّه باطل وذلك لأنّ جواز الصّلح يستدعي حقّاً ثابتاً ، ولم يوجد في موضع السّكوت ؛ إذ السّاكت يعدّ منكراً حكماً حتّى تسمع عليه البيّنة ، فكان إنكاره معارضاً لدعوى المدّعي . ولو بذل المال لبذله لدفع خصومة باطلة ، فكان في معنى الرّشوة .

الصّلح بين المدّعي والأجنبيّ :

اختلف الفقهاء في الأحكام المتعلّقة بالصّلح الكائن بين المدّعي والأجنبيّ على النّحو التّالي :

أوّلاً : مذهب الحنفيّة :

نصّ الحنفيّة على أنّ الصّلح إذا كان بين المدّعي والأجنبيّ ، فلا يخلو : إمّا أن يكون بإذن المدّعى عليه أو بغير إذنه .

أ - فإن كان بإذنه ، فإنّه يصحّ الصّلح ، ويكون الأجنبيّ وكيلاً عن المدّعى عليه في الصّلح ، ويجب المال المصالح به على المدّعى عليه دون الوكيل ، سواء أكان الصّلح عن إقرار أم إنكار ؛ لأنّ الوكيل في الصّلح لا ترجع إليه حقوق العقد . وهذا إذا لم يضمن الأجنبيّ بدل الصّلح عن المدّعى عليه ، فأمّا إذا ضمن ، فإنّه يجب عليه بحكم الكفالة والضّمان لا بحكم العقد .

ب - وأمّا إذا كان بغير إذنه ، فهذا صلح الفضوليّ ، وله وجهان :

أحدهما : أن يضيف الفضوليّ الصّلح إلى نفسه ، كأن يقول للمدّعي : صالحني عن دعواك مع فلان بألف درهم فيصالحه ذلك الشّخص . فهذا الصّلح صحيح ، ويلزم بدل الصّلح الفضوليّ ، ولو لم يضمن أو يضف الصّلح إلى ماله أو ذمّته ؛ لأنّ إضافة الفضوليّ الصّلح إلى نفسه تنفذ في حقّه ، ويكون قد التزم بدل الصّلح مقابل إسقاط اليمين عن المدّعى عليه، وليس للفضوليّ الرّجوع على المدّعى عليه ببدل الصّلح الّذي أدّاه ، طالما أنّ الصّلح لم يكن بأمر المدّعى عليه . قال السّمرقنديّ في ( التّحفة ) : وإنّما كان هكذا ، لأنّ التّبرّع بإسقاط الدّين، بأن يقضي دين غيره بغير إذنه صحيح ، والتّبرّع بإسقاط الخصومة عن غيره صحيح، والصّلح عن إقرار إسقاط للدّين ، والصّلح عن إنكار إسقاط للخصومة ، فيجوز كيفما كان . والثّاني : أن يضيف الفضوليّ الصّلح إلى المدّعى عليه ، بأن يقول للمدّعي : تصالح مع فلان عن دعواك . ولهذا الوجه خمس صور : في أربع منها يكون الصّلح لازماً ، وفي الخامسة منها يكون موقوفاً .

ووجه الحصر في هذا الوجه : أنّ الفضوليّ إمّا أن يضمن بدل الصّلح أو لا يضمن ، وإذا لم يضمن ، فإمّا أن يضيف الصّلح إلى ماله أو لا يضيفه . وإذا لم يضفه ، فإمّا أن يشير إلى نقد أو عرض أو لا يشير . وإذا لم يشر ، فإمّا أن يسلّم العوض أو لا يسلّم .

فالصّور خمس هي :

الصّورة الأولى : أن يضمن الفضوليّ بدل الصّلح ، كما إذا قال الفضوليّ للمدّعي : صالح فلاناً عن دعواك معه بألف درهم ، وأنا ضامن لك ذلك المبلغ وقبل المدّعي تمّ الصّلح وصحّ؛ لأنّه في هذه الصّورة لم يحصل للمدّعى عليه سوى البراءة ، فكما أنّ للمدّعى عليه أن يحصل على براءته بنفسه ، فللأجنبيّ - أيضاً - أن يحصل على براءة المدّعى عليه .

وفي هذه الصّورة ، وإن لم يلزم الفضوليّ بدل الصّلح بسبب عقده الصّلح - من حيث كونه سفيراً - إلاّ أنّه يلزمه أداؤه بسبب ضمانه .

الصّورة الثّانية : أن لا يضمن الفضوليّ بدل الصّلح إلاّ أنّه يضيفه إلى ماله ، كأن يقول الفضوليّ : قد صالحت على مالي الفلانيّ ، أو على فرسي هذه ، أو على دراهمي هذه الألف فيصحّ الصّلح ؛ لأنّ المصالح الفضوليّ بإضافة الصّلح إلى ماله يكون قد التزم تسليمه ، ولمّا كان مقتدراً على تسليم البدل صحّ الصّلح ولزم الفضوليّ تسليم البدل .

الصّورة الثّالثة : أن يشير إلى العروض أو النّقود الموجودة بقوله : عليّ هذا المبلغ ، أو هذه السّاعة فيصحّ الصّلح ؛ لأنّ بدل الصّلح المشار إليه قد تعيّن تسليمه على أن يكون من ماله وبذلك تمّ الصّلح .

والفرق بين الصّورة الثّانية والثّالثة : هو أنّ الفضوليّ في الثّانية قد أضاف الصّلح إلى ماله الّذي نسبه إلى نفسه ، أمّا في الثّالثة فبدل الصّلح مع كونه ماله إلاّ أنّه لم ينسبه إلى نفسه عند العقد .

الصّورة الرّابعة : إذا أطلق بقوله : صالحت على كذا ، ولم يكن ضامناً ولا مضيفاً إلى ماله ولا مشيراً إلى شيء ، وسلّم المبلغ فيصحّ الصّلح ؛ لأنّ تسليم بدل الصّلح يوجب بقاء البدل المذكور سالماً للمدّعي ، ويستلزم حصول المقصود بتمام العقد ، فصار فوق الضّمان والإضافة إلى نفسه .

وعلى ذلك : إذا حصل للمدّعي عوض في هذه الصّور وتمّ رضاؤه به برئ المدّعى عليه ، ولا شيء للفضوليّ المصالح من المصالح عنه .

ويستفاد من حصر لزوم التّسليم في الصّورة الرّابعة أنّ تسليم بدل الصّلح في الصّورتين الثّانية والثّالثة ليس شرطاً لصحّة الصّلح ، فيصحّ فيهما ولو لم يحصل التّسليم ، ويجبر الفضوليّ على التّسليم .

هذا وحيث صحّ الصّلح في هذه الصّور الأربع ، فإنّ الفضوليّ المصالح يكون متبرّعاً بالبدل ; لأنّه أجرى هذا العقد بلا أمر المدّعى عليه .

الصّورة الخامسة : أن يطلق الفضوليّ بقوله للمدّعي : أصالحك عن دعواك هذه مع فلان على ألف درهم ، ولا يكون ضامناً ، ولا مضيفاً إلى ماله ولا مشيراً إلى شيء ، ثمّ لا يسلّم بدل الصّلح ، فصلحه هذا موقوف على إجازة المدّعى عليه ؛ لأنّ المصالح هاهنا - وهو الفضوليّ - لا ولاية له على المطلوب المدّعى عليه ، فلا ينفذ تصرّفه عليه ، فيتوقّف على إجازته .

وعلى ذلك : فإن أجاز المدّعى عليه صلحه صحّ ؛ لأنّ إجازته اللّاحقة بمنزلة ابتداء التّوكيل ، ويلزم بدل الصّلح المدّعى عليه دون المصالح ؛ لأنّه التزم هذا البدل باختياره ، ويخرج الأجنبيّ الفضوليّ من بينهما ، ولا يلزمه شيء . وإن لم يجز المدّعى عليه الصّلح فإنّه يبطل؛ لأنّه لا يجب المال عليه والمدّعى به لا يسقط .

ولا فرق في هذه الصّورة بين أن يكون المدّعى عليه مقرّاً أو منكراً ، وبين أن يكون بدل الصّلح عيناً أو ديناً ؛ لأنّ المصالح الفضوليّ لم يضف بدل الصّلح لنفسه أو ماله ، كما أنّه لم يضمنه ؛ فلا يلزمه البدل المذكور .

ثانياً : مذهب المالكيّة :

ذهب المالكيّة إلى أنّه يجوز للرّجل أن يصالح عن غيره بوكالة أو بغير وكالة ، وذلك مثل أن يصالح رجل على دين له على رجل ، ويلزم المصالح ما صالح به .

جاء في " المدوّنة " في باب الصّلح : ومن قال لرجل : هلمّ أصالحك من دينك الّذي على فلان بكذا ، ففعل ، أو أتى رجل رجلاً فصالحه عن امرأته بشيء مسمّىً لزم الزّوج الصّلح ، ولزم المصالح ما صالح به وإن لم يقل : أنا ضامن ؛ لأنّه إنّما قضى عن الّذي عليه الحقّ ممّا يحقّ عليه .

ثالثاً : مذهب الشّافعيّة :

ذهب الشّافعيّة إلى أنّ للصّلح الجاري بين المدّعي والأجنبيّ حالتين :

الأولى : مع إقرار المدّعى عليه :

وفي هذه الحال فرّقوا بين ما إذا كان المدّعى عيناً أو ديناً .

أ - فإن كان المدّعى عيناً ، وقال الأجنبيّ للمدّعي : إنّ المدّعى عليه وكّلني في مصالحتك له عن بعض العين المدّعاة ، أو عن كلّها بعين من مال المدّعى عليه ، أو بعشرة في ذمّته ، فتصالحا عليه ، صحّ الصّلح ؛ لأنّ دعوى الإنسان الوكالة في المعاملات مقبولة .

ثمّ ينظر : فإن كان الأجنبيّ صادقاً في الوكالة ، صار المصالح عنه ملكاً للمدّعى عليه . وإلاّ كان فضوليّاً ولم يصحّ صلحه ، لعدم الإذن فيه ، كشراء الفضوليّ .

ولو صالحه الوكيل على عين مملوكة للوكيل ، أو على دين في ذمّته صحّ العقد ، ويكون كشرائه لغيره بإذنه بمال نفسه ، ويقع للآذن ، فيرجع المأذون عليه بالمثل إن كان مثليّاً ، وبالقيمة إن كان قيميّاً ؛ لأنّ المدفوع قرض لا هبة .

أمّا لو صالح عن العين المدّعاة لنفسه بعين من ماله أو بدين في ذمّته فيصحّ الصّلح للأجنبيّ، وكأنّه اشتراه بلفظ الشّراء ، ولو لم يجر مع الأجنبيّ خصومه ؛ لأنّ الصّلح ترتّب على دعوى وجواب .

ب - وإن كان المدّعى ديناً ، فينظر : فإن صالحه عن المدّعى عليه ، كما لو قال الأجنبيّ للمدّعي : صالحني على الألف الّذي لك على فلان بخمسمائة صحّ الصّلح ؛ لأنّه إن كان قد وكّله المدّعى عليه بذلك فقد قضى دينه بإذنه ، وإن لم يوكّله فقد قضى دينه بغير إذنه وذلك جائز . ومثل ذلك ما لو قال له الأجنبيّ : وكّلني المدّعى عليه بمصالحتك على نصفه ، أو على ثوبه هذا ، فصالحه فإنّه يصحّ ، وإن صالحه عن نفسه فقال : صالحني عن هذا الدّين ليكون لي في ذمّة المدّعى عليه ففيه وجهان - بناءً على الوجهين في بيع الدّين مَن غير من عليه - .

أحدهما : لا يصحّ ؛ لأنّه لا يقدر على تسليم ما في ذمّة المدّعى عليه .

والثّاني : يصحّ كما لو اشترى وديعةً في يد غيره .

والثّانية : مع إنكار المدّعى عليه :

وفي هذه الحال - أيضاً - فرّقوا بين ما إذا كان المدّعى عيناً أو ديناً .

أ - فإن كان عيناً ، وصالحه الأجنبيّ عن المنكر ظاهراً بقوله : أقرّ المدّعى عليه عندي ووكّلني في مصالحتك له ، إلاّ أنّه لا يظهر إقراره لئلاّ تنتزعه منه ، فصالحه صحّ ذلك ؛ لأنّ دعوى الإنسان الوكالة في المعاملات مقبولة . قال الشّيرازيّ : لأنّ الاعتبار بالمتعاقدين ، وقد اتّفقا على ما يجوز العقد عليه فجاز ، ثمّ ينظر فيه : فإن كان قد أذن له في الصّلح ملك المدّعى عليه العين ؛ لأنّه ابتاعه له وكيله ، وإن لم يكن أذن له في الصّلح لم يملك المدّعى عليه العين ؛ لأنّه ابتاع له عيناً بغير إذنه ، فلم يملكه .

ولو قال الأجنبيّ للمدّعي : هو منكر ، غير أنّه مبطل ، فصالحني له على داري هذه لتنقطع الخصومة بينكما فلا يصحّ على الأصحّ ؛ لأنّه صلح إنكار .

وإن صالح لنفسه فقال : هو مبطل في إنكاره ؛ لأنّك صادق عندي ، فصالحني لنفسي بداري هذه أو بعشرة في ذمّتي فهو كشراء المغصوب ، فيفرّق بين ما إذا كان قادراً على انتزاعه فيصحّ ، وبين ما إذا كان عاجزًا عن انتزاعه فلا يصحّ .

ب - وإن كان المدّعى ديناً : وقال الأجنبيّ : أنكر الخصم وهو مبطل ، فصالحني له بدابّتي هذه لتنقطع الخصومة بينكما ، فقبل صحّ الصّلح ، إذ لا يتعذّر قضاء دين الغير بدون إذنه ، بخلاف تمليك الغير عين ماله بغير إذنه فإنّه لا يمكن .

وإن صالحه عن الدّين لنفسه فقال : هو منكر ، ولكنّه مبطل ، فصالحني لنفسي بدابّتي هذه أو بعشرة في ذمّتي لآخذه منه فلا يصحّ ؛ لأنّه ابتياع دين في ذمّة غيره .

رابعاً : مذهب الحنابلة :

تكلّم الحنابلة عن صلح الأجنبيّ مع المدّعي في حالة الإنكار فقط ، ولم يتعرّضوا لصلحه في حالة الإقرار ، وقالوا :

أ - إنّ صلح الأجنبيّ عن المنكر ، إمّا أن يكون عن عين أو دين :

فإن صالح عن منكر لعين بإذنه ، أو بدون إذنه صحّ الصّلح ، سواء اعترف الأجنبيّ للمدّعي بصحّة دعواه على المنكر ، أو لم يعترف له بصحّتها ، ولو لم يذكر الأجنبيّ أنّ المنكر وكّله في الصّلح عنه ؛ لأنّه افتداء للمنكر من الخصومة وإبراء له من الدّعوى ، ولا يرجع الأجنبيّ بشيء ممّا صالح به على المنكر إن دفع بدون إذنه ؛ لأنّه أدّى عنه ما لا يلزمه فكان متبرّعاً، كما لو تصدّق عنه . أمّا إذا صالح عنه بإذنه فهو وكيله ، والتّوكيل في ذلك جائز ويرجع عليه بما دفع عنه بإذنه إن نوى الرّجوع عليه بما دفع عنه .

وإن صالح عن منكر لدين بإذنه أو بدون إذنه ، صحّ الصّلح ، سواء اعترف الأجنبيّ للمدّعي لصحّة دعواه على المطلوب ، أو لم يعترف ؛ لأنّ قضاء الدّين عن غيره جائز بإذنه وبغير إذنه ، فإنّ « عليّاً وأبا قتادة - رضي الله عنهما - قضيا الدّين عن الميّت ، وأقرّهما النّبيّ صلى الله عليه وسلم » ، ولو لم يقل الأجنبيّ إنّ المنكر وكّله في الصّلح عنه ؛ لأنّه افتداء للمنكر من الخصومة ، وإبراء له من الدّعوى ، ولا يرجع الأجنبيّ على المنكر بشيء ممّا صالح به إن دفع بدون إذنه ؛ لأنّه أدّى عنه ما لا يلزمه فكان متبرّعاً ، كما لو تصدّق عنه . فإن أذن المنكر للأجنبيّ في الصّلح ، أو الأداء عنه رجع عليه بما ادّعى عنه إن نوى الرّجوع بما دفع عنه .

ب - وإن صالح الأجنبيّ المدّعي لنفسه ، لتكون المطالبة له فلا يخلو : إمّا أن يعترف للمدّعي بصحّة دعواه ، أو لا يعترف له :

فإن لم يعترف له كان الصّلح باطلاً ؛ لأنّه اشترى من المدّعي ما لم يثبت له ، ولم تتوجّه إليه خصومة يفتدي منها ، أشبه ما لو اشترى منه ملك غيره .

وإن اعترف له بصحّة دعواه وصالح المدّعي ، والمدّعى به دين لم يصحّ ؛ لأنّه اشترى ما لا يقدر البائع على تسليمه ؛ ولأنّه بيع للدّين من غير من هو في ذمّته . وإذا كان بيع الدّين المقرّ به من غير من هو في ذمّته لا يصحّ ؛ فبيع دين في ذمّة منكر معجوز عن قبضه منه أولى .

وإن كان المدّعى به عيناً ، وعلم الأجنبيّ عجزه عن استنقاذها من مدّعىً عليه لم يصحّ الصّلح ؛ لأنّه اشترى ما لا يقدر البائع على تسليمه كشراء الشّارد . وإن ظنّ الأجنبيّ القدرة على استنقاذها صحّ ؛ لأنّه اشترى من مالك ملكه القادر على أخذه منه في اعتقاده ، أو ظنّ عدم المقدرة ثمّ تبيّنت قدرته على استنقاذها صحّ الصّلح ؛ لأنّ البيع تناول ما يمكن تسليمه فلم يؤثّر ظنّ عدمه .

ثمّ إن عجز الأجنبيّ بعد الصّلح ظانّاً القدرة على استنقاذها خُيّر الأجنبيّ بين فسخ الصّلح - ولأنّه لم يسلّم له المعقود عليه ؛ فكان له الرّجوع إلى بدله - وبين إمضاء الصّلح ؛ لأنّ الحقّ له كخيار العيب . وإن قدر على انتزاعه استقرّ الصّلح .

ج - وإن قال الأجنبيّ للمدّعي : أنا وكيل المدّعى عليه في مصالحتك عن العين ، وهو مقرّ لك بها في الباطن ، وإنّما يجحدك في الظّاهر فظاهر كلام الخرقيّ : لا يصحّ الصّلح ؛ لأنّه يجحدها في الظّاهر لينتقص المدّعي بعض حقّه ، أو يشتريه بأقلّ من ثمنه ؛ فهو هاضم للحقّ يتوصّل إلى أخذ المصالح عنه بالظّلم والعدوان ، فهو بمنزلة ما لو شافهه بذلك فقال : أنا أعلم صحّة دعواك ، وأنّ هذا لك ، ولكن لا أسلّمه إليك ولا أقرّ لك به عند الحاكم حتّى تصالحني منه على بعضه أو عوض عنه ، وهو غير جائز . وقال القاضي : يصحّ . ثمّ ينظر إلى المدّعى عليه : فإن صدّقه على ذلك ملك العين ، ولزمه ما أدّى عنه ورجع الأجنبيّ عليه بما أدّى عنه إن كان أذن له في الدّفع . وإن أنكر المدّعى عليه الإذن في الدّفع فالقول قوله بيمينه ، ويكون حكمه كمن أدّى عن غيره ديناً بلا إذنه . وإن أنكر الوكالة فالقول قوله بيمينه ، ولا رجوع للأجنبيّ عليه ولا يحكم له بملكها ؛ ثمّ إن كان الأجنبيّ قد وكّل في الشّراء، فقد ملكها المدّعى عليه باطناً ؛ لأنّه اشتراها بإذنه فلا يقدح إنكاره في ملكها ؛ لأنّ ملكه ثبت قبل إنكاره ، وإنّما هو ظالم بالإنكار للأجنبيّ ، وإن لم يوكّله لم يملكها ؛ لأنّه اشترى له عيناً بغير إذنه .

ولو قال الأجنبيّ للمدّعي : قد عرف المدّعى عليه صحّة دعواك ، ويسألك الصّلح عنه ، وكّلني فيه فصالحه صحّ ؛ لأنّه هاهنا لم يمتنع من أدائه ، بل اعترف به وصالحه عليه مع بذله فأشبه ما لو لم يجحده .

أركان الصّلح :

ذهب الحنفيّة إلى أنّ للصّلح ركناً واحداً : وهو الصّيغة المؤلّفة من الإيجاب والقبول الدّالّة على التّراضي . وخالفهم في ذلك جمهور الفقهاء - من المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة - حيث عدّوا أركان الصّلح ثلاثةً :

أ - الصّيغة .

ب - والعاقدان .

ج - والمحلّ . " وهو المصالح به والمصالح عنه " .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://sekahaded.yoo7.com
 
عقد الصلح في الشريعة الإسلامية - الجزء الثاني
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» عقد الصلح في الشريعة الإسلامية - الجزء الأول
» عقد الصلح في الشريعة الإسلامية- الجزء الثالث
» الشفعة في الشريعة الإسلامية - الجزء الثاني
» الضمان في الشريعة الإسلامية - الجزء الثاني
» القبض في الشريعة الإسلامية - الجزء الثاني

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
العاملين بالسكك الحديدية و المتـــــــرو :: الشـــــــــــئون القـــــــــــــــانونيـــــــــــــــــــــــــــــة :: بحوث فى الشريعه الاسلاميه-
انتقل الى: